(ما الموجبتان) بكسر الجيم، أي ما هي الكلمة أو الخصلة الموجبة للجنة؟ والكلمة أو الخصلة الموجبة للنار؟
(من لقي الله) أي من مات، كما ورد في بعض الروايات.
(فبشرني أنه)"أن" وما دخلت عليه في تأويل مصدر مجرور بحرف جر محذوف (وحذف الجار قبل "أن" مطرد) أي فبشرني بدخول من مات ... الجنة.
(من أمتك) أي من أمة الإجابة، ويحتمل أن يكون أعم من ذلك، أي من أمة الدعوة.
(قلت: وإن زنى وإن سرق) قال ابن مالك: لا بد من تقدير أداة الاستفهام، والتقدير: أو إن زنى دخل الجنة؟ وقدر غيره: أيدخل الجنة وإن زنى؟ وحذف جواب الشرط مبالغة للعلم به وتتميما لمعنى الإنكار.
(قال: وإن زنى وإن سرق) جواب الشرط محذوف للعلم به، أي وإن زنى وإن سرق دخل الجنة.
(على رغم أنف أبي ذر)"رغم" بفتح الراء وضمها وكسرها، وقوله:"وإن رغم أنف أبي ذر" هو بفتح الغين وكسرها، ذكره الجوهري، وهو التراب، فمعنى أرغم الله أنفه ألصقه بالرغام، أي أذله، ومعنى "على رغم أنف أبي ذر" أي على ذل منه لوقوع الأمر مخالفا لما يريد، وقيل معناه: على كراهة منه، فهو من قبيل الكناية، أي إطلاق اللفظ وإرادة لازم معناه.
-[فقه الحديث]-
قد يبدو لأول وهلة أن موضوع هذا الحديث قد سبق ذكره في الجزء الأول في باب "من مات على التوحيد دخل الجنة" ولكن بعد إمعان النظر يتضح أن ذكره هناك كان القصد منه جانب الرجاء، وإن تعرض هناك بالتبع إلى جانب الخوف، وذكره هنا مقصود منه جانب الخوف وإن كان سيتعرض لجانب الرجاء على سبيل التبعية.
وقد روينا في فقه الحديث هناك قوله صلى الله عليه وسلم:"من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة" وقوله: "أشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله لا يلقى الله بهما عبد غير شاك إلا دخل الجنة" وقوله: "ما من عبد قال لا إله إلا الله ثم مات على ذلك إلا دخل الجنة". وقوله لأبي هريرة:"من لقيت من وراء هذا الحائط يشهد أن لا إله إلا الله مستيقنا بها قلبه فبشره بالجنة". وقوله:"حرم الله على النار من قال: لا إله إلا الله يبغي بذلك وجه الله".
وقلنا: لما كان موضوع هذه الأحاديث يتعلق بالعصاة من المسلمين كان من الضروري بيان المذاهب في حكمهم، وموقف كل مذهب من هذه الأحاديث ونحوها: