للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(ولهم عذاب أليم) مؤلم فعيل بمعنى اسم الفاعل، قال الواحدي: هو العذاب الذي يخلص إلى قلوبهم وجعه، قال: والعذاب كل ما يعيي الإنسان ويشق عليه، قال: وأصل العذاب في كلام العرب من العذب، وهو المنع، وسمي الماء عذبا لأنه يمنع العطش، فسمي العذاب عذابا لأنه يمنع المعاقب من معاودة مثل جرمه، ويمنع غيره من مثل فعله.

وفائدة ذكر هذه الجملة بعد ما قبلها: التخويف بالعذاب البدني بعد التهديد بالعذاب الروحي.

(فقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرار) "فقرأها" أي قرأ هذه الجملة وأعادها ثلاث مرات تنبيها على اهتمامه، وإدخالا للرهبة في نفوس المخاطبين ليحذرهم.

(قال أبو ذر: خابوا وخسروا) جملتان خبريتان لفظا ومعنى، أو خبريتان لفظا دعائيتان معنى، والأول أقرب.

(المسبل) المفعول محذوف في هذه الرواية، مذكور في الرواية الثانية "المسبل إزاره" والإزار: هو الثوب الذي يربط في الوسط ويغطي نصف الجسم الأسفل، وذكر الإزار على سبيل المثال: فغيره من القميص والثوب والجبة وغيرها لها حكمه، وإنما خصه بالذكر لأنه كان غالب لباسهم، وإسبال الإزار: إرخاؤه وتطويله وجره، وسيأتي شرحه في فقه الحديث.

(والمنان) المن: تقرير النعمة على من أسديت إليه، والمنان: صيغة مبالغة، ولذا فسره في الرواية الثانية بأنه "الذي لا يعطي شيئا إلا منه".

(والمنفق سلعته بالحلف الكاذب) السلعة والمتاع ما يتجر به، ويقال: نفقت السلعة نفاقا راجت، وأنفق السلعة روجها.

والحلف الكاذب هو المراد من الحلف الفاجر الوارد في الرواية الثانية.

-[فقه الحديث]-

إسناد الحكم إلى هؤلاء الثلاثة لا يمنع من إسناده إلى غيرهم، كما سيأتي في الحديث التالي.

وترتيب هؤلاء الثلاثة ليس على سبيل التدرج التصاعدي أو التنازلي من ناحية الإثم، فإنهم ذكروا في الرواية الثانية بترتيب يغاير ترتيبهم في الرواية الأولى.

أما درجة الإثم فكما سبق تتبع الآثار والأخطار المترتبة على كل معصية. وإليك الكلام عن كل واحد منهم:

فالمسبل إزاره المرخي له إما أن يكون إسباله لمجرد العرف والعادة، وإما أن يكون لستر عيب، وإما أن يكون لغير قصد، وإما أن يكون بدافع الكبر والخيلاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>