للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يضاف إلى ذلك أن التسوية مقدمة للواجب، وأن التفضيل مقدمة للمحرم، فهو مقدمة لقطع الرحم والعقوق، وما يؤدى إلى المحرم محرم، فالتفضيل محرم.

واحتجوا على بطلان التفضيل بالأمر بالرد، "فارجعه" روايتنا الأولى "فاردده" روايتنا الثانية "فرده" روايتنا الثالثة، فلولا فساد العقد ما أمر بالرد، وفي الرواية العاشرة "فليس يصلح هذا" أي فهو باطل.

ثانيًا: القول بأن التسوية واجبة، وعدمها حرام، ويجب عليه رد التفضيل، فإن لم يرد التفضيل صح ونفذ مع الحرمة، وهذا القول لبعض الفريق السابق، وهو المشهور عن أحمد، بل أصح شيء عنه، كما ذكره الخرقي عنه، إذ قال: وإذا فضل بعض ولده في العطية أمر برده، فإن مات ولم يرده فقد ثبت لمن وهب له، إذا كان ذلك في صحته. اهـ وبه قال بعض المالكية، ويقولون: إن في قوله "ارجعه" دليل على الصحة، إذ لو لم تصح الهبة لم يصح الرجوع.

ثالثًا: تجب التسوية إن قصد بالتفضيل الإضرار، وهو قول أبي يوسف.

رابعًا: تجب التسوية ما لم يكن للتفضيل سبب، فإن كان للتفضيل سبب، كاحتياج الولد، لزمانته، أو دينه، أو نحو ذلك جاز. وهذا القول رواية عن أحمد.

خامسًا: التسوية مستحبة، ويسوى بين الذكر والأنثى، وتفضيل بعض الأولاد على بعض مكروه، وليس بحرام، وهو قول جمهور الشافعية، وظاهر الأمر بالتسوية يشهد لهم.

سادسًا: التسوية مستحبة، ومعناها أن يكون للذكر مثل حظ الأنثيين، وأما التفضيل فقد كرهه الثوري وابن المبارك وأحمد، وكان إسحق يقول مثل هذا، ثم رجع إلى قول الشافعي: ترك التفضيل في عطية الأبناء فيه حسن الأدب، ويجوز له ذلك في الحكم. اهـ.

وباستحباب التسوية قال الشافعية والحنفية والمالكية والجمهور، فإن فضل بعض أولاده صح وكره، واستحبت المبادرة إلى التسوية أو الرجوع.

وأما أن العدل في إعطاء الذكر مثل حظ الأنثيين فلأنه حظه من ذلك المال، لو أبقاه الواهب في يده حتى مات.

ويجيب الجمهور على أدلة الموجبين للتسوية.

بأن قوله "لا أشهد على جور" لا يلزم منه أن يكون حرامًا، بل لو كان حرامًا أو باطلاً ما قال في روايتنا الثامنة "فأشهد على هذا غيري" فإن قيل: قاله تهديدًا قلنا: الأصل في كلام الشرع الحقيقة، وليس التهديد، فقوله "أشهد" بفعل الأمر يعطي وجوب إشهاد الغير أو ندبه، أو على الأقل إباحته، فوجب، تأويل الجور على أنه مكروه كراهة تنزيه، فمعنى "لا أشهد على جور" لا أشهد على ميل الأب لبعض الأولاد، دون بعض.

وبأن امتناعه صلى الله عليه وسلم عن الشهادة كان توقيًا عن مثل ذلك لرفعة مقامه، أو لكونه

<<  <  ج: ص:  >  >>