ومشهور قول مالك، وقال الجمهور: يشترط أن تكون على معين، سواء كان واحدًا أم أكثر، واختلفوا: هل يختص القتل بواحد؟ أو يقتل الكل؟ .
٧ - واستدل به الحنفية على جواز سماع الدعوى في القتل على غير معين، لأن الأنصار ادعوا على اليهود أنهم قتلوا صاحبهم، وسمع النبي صلى الله عليه وسلم دعواهم، ورد بأن الذي ذكره الأنصاري أولا، ليس على صورة الدعوى بين الخصمين، لأن من شرطها - إذ لم يحضر المدعى عليه - أن يتعذر حضوره.
٨ - وفيه أن من توجهت عليه اليمين، فنكل عنها، لا يقضى عليه، حتى يرد اليمين على الآخر، وهو المشهور عند الجمهور. وعند أحمد والحنفية: يقضى عليه، دون رد اليمين.
٩ - ويؤخذ منه أن مجرد الدعوى لا توجب إحضار المدعى عليه، لأن في إحضاره مشغلة له عن أشغاله، وتضييعًا لماله، من غير موجب ثابت لذلك، أما لو ظهر ما يقوي الدعوى من شبهة ظاهرة، فهل يسوغ استحضار الخصم؟ أولاً؟ محل نظر، والراجح أن ذلك يختلف بالقرب والبعد، وشدة الضرر، وخفته.
١٠ - وفيه الاكتفاء بالمكاتبة، أخذًا من الرواية السادسة.
١١ - والاكتفاء بخبر الواحد، مع إمكان المشافهة.
١٢ - وفيه أن اليمين قبل توجيهها من الحاكم لا أثر لها، لقول اليهود في جوابهم: والله ما قتلناه.
١٣ - وفي قولهم "لا نرضى بأيمان اليهود" استبعاد لصدقهم، لما عرفوه من إقدامهم على الكذب، وجراءتهم على الأيمان الفاجرة.
١٤ - واستدل به على أن الدعوى في القسامة لا بد فيها من عداوة، أو لوث.
١٥ - واستدل بقوله في الرواية الثانية "يقسم خمسون منكم" على أن من يحلف في القسامة لا يشترط أن يكون رجلاً ولا بالغًا، لإطلاق قوله "خمسون" وبه قال ربيعة والثوري والليث والأوزاعي وأحمد، وقال مالك: لا مدخل للنساء في القسامة، لأن المطلوب في القسامة القتل، ولا يسمع من النساء، وقال الشافعي: لا يحلف في القسامة إلا الوارث البالغ، لأنها يمين في دعوى حكمية، فكانت كسائر الأيمان، ولا فرق في ذلك بين الرجل والمرأة.
١٦ - واستدل به على تقديم الأسن في الأمور المهمة، إذا كان فيه أهلية لذلك، لا ما إذا كان عريًا عن أهليته لها، ففيه فضيلة السن عند التساوي في الفضائل. قال النووي: ولهذا نظائر، فإنها يقدم بها في الإمامة، وفي ولاية النكاح ندبًا، وغير ذلك.
١٧ - واستدل بقوله "فتحلف لكم يهود" على صحة يمين الكافر والفاسق.
١٨ - ومن قوله "فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبطل دمه فوداه ... إلخ" ما كان عليه صلى الله عليه وسلم من الكرم، وحسن السياسة، وجلب المصالح، ودرء المفاسد، وتأليف القلوب، ولا سيما عند تعذر الوصول إلى استيفاء الحق.