للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أما النفي للرقيق إذا زنى فقد ذهب إليه الشافعية، والصحيح عندهم أنه ينفى نصف سنة، وفي وجه ضعيف لبعضهم ينفى سنة كاملة، وفي قول ثالث للشافعية: لا نفي على رقيق، وهو قول الأئمة الثلاثة، لأنه لا وطن له، وفي نفيه قطع حق السيد.

٣ - كما يؤخذ من الحديث حد الثيب الحر، ذكرًا كان أو أنثى، وهو الرجم، قال النووي: أجمع العلماء على رجم المحصن، وهو الثيب، والمراد بالثيب من جامع في دهره مرة من نكاح صحيح وهو بالغ عاقل حر، والرجل والمرأة في هذا سواء، وسواء في كل هذا المسلم والكافر، والرشيد والمحجور عليه لسفه.

قال: ولم يخالف في رجم المحصن أحد من أهل القبلة، إلا ما حكى القاضي عياض وغيره عن الخوارج وبعض المعتزلة، كالنظام وأصحابه، فإنهم لم يقولوا بالرجم، وقال ابن بطال: أجمع الصحابة وأئمة الأمصار على أن المحصن إذا زنى عامدًا عالمًا مختارًا فعليه الرجم، ودفع ذلك الخوارج وبعض المعتزلة، واعتلوا بأن الرجم لم يذكر في القرآن، وحكاه ابن العربي عن طائفة من أهل المغرب لقيهم، وهم من بقايا الخوارج، واحتج الجمهور بأن النبي صلى الله عليه وسلم رجم، وكذلك الأئمة بعده، كما استدلوا بحديث عبادة وعمر بن الخطاب، روايتنا الأولى والثانية والثالثة.

قال النووي: واختلفوا في جلد الثيب مع الرجم، فقالت طائفة: يجب الجمع بينهما، فيجلد، ثم يرجم، وبه قال علي بن أبي طالب والحسن البصري وإسحق بن راهويه، وداود وأهل الظاهر، وبعض أصحاب الشافعي، وقال جماهير العلماء: الواجب الرجم وحده، وحجتهم أن النبي صلى الله عليه وسلم اقتصر على رجم الثيب في أحاديث كثيرة، منها قصة ماعز والغامدية، وقوله صلى الله عليه وسلم لأنيس [في روايتنا الثانية عشرة] "واغد يا أنيس إلى امرأة هذا، فإن اعترفت فارجمها" اهـ.

أما ما أشار إليه النووي عن علي رضي الله عنه فقد روى علي بن الجعد "أن عليًا أتى بامرأة زنيت، فضربها يوم الخميس، ورجمها يوم الجمعة" وكذا عند النسائي والدارقطني، زاد ابن الجعد "فقيل لعلي: جمعت حدين؟ قال: جلدتها بالقرآن، ورجمتها بالسنة" وقال أبي بن كعب مثل ذلك. قال الحازمي: ذهب أحمد وإسحق وداود وابن المنذر إلى أن الزاني المحصن يجلد، ثم يرجم. اهـ وروايتنا الأولى تؤيد هذا القول، ولفظها "والثيب بالثيب جلد مائة والرجم" والرواية الثانية "الثيب بالثيب، جلد مائة، ثم رجم بالحجارة" ويقولون: ليس في قصة ماعز ومن ذكر معه تصريح بسقوط الجلد عن المرجوم، لاحتمال أن يكون ترك ذكره لوضوحه، ولكونه الأصل، فلا يرد ما وقع التصريح به بالاحتمال، فالسكوت عن الشيء لا يدل على سقوطه.

ويجيب الجمهور بأن قصة ماعز جاءت من طرق متنوعة، بأسانيد مختلفة، ولم يذكر في شيء منها أنه جلد، وكذلك الغامدية والجهنية، واليهوديين، وقال في ماعز "اذهبوا فارجموه" وكذا في حق غيره، ولم يذكر الجلد، فدل ترك ذكره على عدم وقوعه، ودل عدم وقوعه على عدم وجوبه.

ثم إن قصة ماعز متراخية عن حديث عبادة بن الصامت، فهو منسوخ، والناسخ له ما ثبت في

<<  <  ج: ص:  >  >>