للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لفظا إنشائية دعائية معنى وينبغي في الكتابة وضع نقطة بين "لا" وبين ما بعدها وينبغي في النطق أن يقف قليلا بعد "لا" حتى يتبين للسامع أن الذي بعدها كلام مستأنف لأنه إذا وصلها بما بعدها يتوهم السامع أنه دعا عليه بينما المراد أنه يدعو له وعلم البلاغة يزيد واوا ليزول الإيهام فيقال: لا. ويرحمك الله.

(والله إن سمعت بالسكين قط) "إن" نافية أي ما سمعت بالسكين و"قط" مبني على الضم أي أبدا. والسكين تذكر وتؤنث قيل لها ذلك لأنها تسكن حركة الحيوان.

(ما كنا نقول إلا المدية) بضم الميم وكسرها وفتحها قيل: سميت بذلك لأنها تقطع مدى حياة الحيوان. قاله النووي وعلق محقق نسخة النووي على نفي أبي هريرة سماعه بالسكين فقال: والعجب من أبي هريرة هل ما قرأ سورة يوسف وهي مكية وإسلامه متأخر كان عام خيبر ففي هذه السورة {وآتت كل واحدة منهن سكينا} [يوسف: ٣١]. اهـ. وكان على المحقق أن يعتذر عن أبي هريرة بأنه كان يمنيا هاجر إلى المدينة عام خيبر ولعل سماعه هذا الحديث كان عقب وصوله المدينة والعبرة بسماعه لا بتحديثه فكأنه قال: ما كنت سمعت بالسكين إلا يومئذ يوم سمعت الحديث.

-[فقه الحديث]-

يثير هذا الحديث أربع قضايا:

الأولى: علام بنى داود عليه السلام حكمه للكبرى؟ وأجاب ابن الجوزي بأنهما استويا عنده في وضع اليد فقدم الكبرى للسن وتعقبه القرطبي وحكي أنه قيل: كان من شرع داود أن يحكم للكبرى قال: وهو فاسد لأن الكبرى والصغرى وصف طردي كالطول والقصر والسواد والبياض ولا أثر لشيء من ذلك في الترجيح قال: وهذا مما يكاد يقطع بفساده قال: والذي ينبغي أن يقال: إن داود عليه السلام قضى به للكبرى لسبب اقتضى به عنده ترجيح قولها إذ لا بينة لواحدة منهما وكون هذا السبب لم يذكر في الحديث اختصارا لا يلزم منه عدم وقوعه فيحتمل أن يقال: إن الولد الباقي كان في يد الكبرى وعجزت الصغرى عن إقامة البينة قال: وهذا تأويل حسن جار على القواعد الشرعية وليس في السياق ما يأباه ولا يمنعه. اهـ. وقيل: لعل داود قضى به للكبرى لشبه رآه فيها أو نحو ذلك.

ويؤيد هذا التوجيه أن الله تعالى اعتبر ما وصل إليه داود علما وحكمة فقال {ففهمناها سليمان وكلا آتينا حكما وعلما} [الأنبياء: ٧٩].

٢ - القضية الثانية: كيف ساغ لسليمان نقض حكم أبيه داود عليهما السلام؟ مع أن المجتهد لا ينقض حكم المجتهد؟ وأجيب بأجوبة: أحدها أن داود عليه السلام لم يكن جزم بالحكم بل كان

<<  <  ج: ص:  >  >>