(فوالله ما هو إلا أن رماهم بحصياته) ضمير "هو" للحال والشأن.
(فمازلت أرى حدهم كليلا وأمرهم مدبرا) الحد هو الشدة والقوة والكليل الضعيف أي ما هو إلا أن دعا ورش الحصيات في وجوه الكفار حتى رأيت قوتهم ضعفا وإقبالهم إدبارا حتى هزمهم الله ورأيت النبي صلى الله عليه وسلم يركض خلفهم على بغلته وفي الرواية الخامسة "فما خلق الله منهم إنسانا إلا ملأ عينيه ترابا بتلك القبضة فولوا مدبرين فهزمهم الله عز وجل".
(يا أبا عمارة) كنية البراء.
(أفررتم يوم حنين؟ قال: لا والله ما ولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكنه خرج شبان أصحابه وأخفاؤهم حسرا ليس عليهم سلاح أو كثير سلاح) قال النووي: هذا الجواب الذي أجاب به البراء رضي الله عنه من بديع الأدب لأن تقدير الكلام: أفررتم كلكم؟ فيقتضي أن النبي صلى الله عليه وسلم وافقهم في ذلك فقال البراء: لا ما فر رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن جماعة الصحابة جرى لهم كذا وكذا و"شبان" بضم الشين وتشديد الباء جمع شاب و"الأخفاء" بفتح الهمزة وكسر الخاء وتشديد الفاء جمع خفيف والمراد بهم المسارعون المستعجلون ورويت هذه الكلمة "وجفاؤهم" بالجيم وفسرت بسرعانهم قالوا: تشبيها بجفاء السيل وهو غثاؤه. قال القاضي: إن صحت هذه الرواية فمعناها ما سبق من خروج من خرج معهم من أهل مكة ومن انضم إليهم ممن لم يستعدوا وإنما خرجوا للغنمية من النساء والصبيان ومن في قلبه مرض فشبهوا بغثاء السيل ومعنى "حسرا" بضم الحاء وتشديد السين المفتوحة أي بغير دروع جمع حاسر وهو من لا درع عليه وقد فسره بقوله "ليس عليهم سلاح أو كثير سلاح" وفي كتب اللغة: حسر بفتح السين يحسر بضمها حسورا انكشف والحاسر من الجنود من لا درع له ولا مغفر ومن الرجال من لا غطاء على رأسه ومن النساء المكشوفة الرأس والذراعين والتي ألقت عنها ثيابها والجمع حسر وحواسر.
(فلقوا قوما رماة لا يكاد يسقط لهم سهم جمع هوازن وبني نصر)"جمع هوازن" بالنصب بدل من "قوما".
(فرشقوهم رشقا) التنوين في "رشقا" للتكثير والتعظيم والرشق رمي السهام يقال: رشقه وأرشقه ثلاثي ورباعي والثلاثي أشهر وأفصح وفي الرواية الثالثة "فرموهم برشق من نبل كأنها رجل من جراد فانكشفوا" والرشق بكسر وسكون الشين الشوط من الرمي وما يرمى به أو اسم للسهام التي ترميها الجماعة دفعة واحدة وأما الرشق بفتح الراء فهذا المصدر والنبل بفتح النون وسكون الباء السهام والمعنى فرموهم بمجموعة من السهام دفعة واحدة شبيهة بأرجل الجراد في التجمع والتتابع "فانكشفوا" أي انهزموا وفارقوا مواضعهم وكشفوها.
(كنا إذا احمر البأس نتقي به) أي نجعل النبي صلى الله عليه وسلم لنا وقاية أي نحتمي به واحمرار البأس كناية عن شدة الحرب واستعير ذلك لحمرة الدماء الحاصلة فيها عادة أو لاستعار الحرب