صفوفهم وطلب المشركون المبارزة وخرج من بين صفوفهم عتبة ابن ربيعة ينادي من يبارزني من المسلمين؟ وتبعه ابنه الوليد ينادي نفس النداء وتبعه أخوه شيبة بن ربيعة ينادي كذلك فبرزلهم ثلاثة من شباب الأنصار فقال لهم عتبة: لا حاجة لنا فيكم إنما أردنا بني عمنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قم يا حمزة قم يا
علي قم يا عبيدة فأقبل حمزة إلى عتبة فقتله وأقبل علي إلى شيبة فقتله وتبادل عبيدة والوليد الضربات فأثخن كل منهما الآخر فمال حمزة وعلى على الوليد فقتلاه واحتملا عبيدة وتلاحمت الصفوف وحمى الوطيس والقوتان غير متكافئتين ولكن نصر الله نزل من السماء فأنزل الله ماء قليلا على المسلمين لينشطهم ويثبت به أقدامهم على الرمال وأنزل ملائكة مددا إجابة لاستغاثة رسول الله صلى الله عليه وسلم لربه إذ رفع يديه إلى السماء ينادي: اللهم نصرك الذي وعدتني اللهم إني أنشدك ما وعدتني اللهم إن شئت لم تعبد في الأرض حتى وقع رداؤه صلى الله عليه وسلم عن كتفيه فأتاه أبو بكر فأخذ رداءه فألقاه على منكبيه ثم التزمه من ورائه فقال: يا نبي الله كفاك مناشدتك ربك فإنه سينجز لك ما وعدك ولم يكن أبو بكر بذلك أوثق بربه من النبي صلى الله عليه وسلم بل الحامل على هذه المناشدة الحامية شفقته صلى الله عليه وسلم على أصحابه فاستقرت نفسه صلى الله عليه وسلم لما رأى من نزول الملائكة وقال: سيهزم الجمع ويولون الدبر وانهزم المشركون وفروا تاركين وراءهم سبعين من القتلى وسبعين من الرجال الأسرى وغنم المسلمون الإبل والشاة والأموال وكان على رأس القتلى أبو جهل زعيم العصابة المشركة.
وأنزل الله تعالى {ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة فاتقوا الله لعلكم تشكرون* إذ تقول للمؤمنين ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين* بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين* وما جعله الله إلا بشرى لكم ولتطمئن قلوبكم به وما النصر إلا من عند الله العزيز الحيكم* ليقطع طرفا من الذين كفروا أو يكبتهم فينقلبوا خائبين}[آل عمران: ١٢٣ - ١٢٧] وأنزل {وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم ويريد الله أن يحق الحق بكلماته ويقطع دابر الكافرين* ليحق الحق ويبطل الباطل ولو كره المجرمون* إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين* وما جعله الله إلا بشرى ولتطمئن به قلوبكم وما النصر إلا من عند الله إن الله عزيز حكيم* إذ يغشيكم النعاس أمنة منه وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به ويذهب عنكم رجز الشيطان وليربط على قلوبكم ويثبت به الأقدام* إذ يوحي ربك إلى الملائكة أني معكم فثبتوا الذين آمنوا سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان* ذلك بأنهم شاقوا الله ورسوله ومن يشاقق الله ورسوله فإن الله شديد العقاب* ذلكم فذوقوه وأن للكافرين عذاب النار* يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الأدبار* ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير* فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى وليبلي المؤمنين منه بلاء حسنا إن الله سميع عليم}[الأنفال: ٧ - ١٧].