(بدر) قرية مشهورة بقرب ينبع والصفراء والجار والجحفة وهو موسم من مواسم العرب ومجمع من مجامعهم في الجاهلية وبها آبار ومياه على نحو خمسمائة ميل من المدينة قيل: سميت باسم بدر بن الحارث وقيل: باسم بئر بها لصفائه واستدارته.
(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم شاور) مفعوله محذوف أي شاور أصحابه أبا بكر وعمر وغيرهما أو نزل منزلة اللازم فلم يقصد له مفعول أي حدثت منه المشاورة كأن قال: ماذا نفعل أيها الناس؟ وهذا هو الظاهر.
(فتكلم أبو بكر) وأبدى رأيه في الموقف يقاتلون؟ أو يرجعون؟ وعند ابن إسحق أن هذه المشاورة كانت بعد أن وصل النبي صلى الله عليه وسلم الصفراء وبلغه أن قريشا قصدت بدرا وأن أبا سفيان نجا بمن معه فاستشار الناس فقام أبو بكر فقال فأحسن ثم قام عمر كذلك.
(فأعرض عنه) أي لم يعلق على كلامه لأنه لم يكن يقصده بل كان يقصد الأنصار.
(فقام سعد بن عبادة) كذا في مسلم "سعد بن عبادة" وكذا عند ابن أبي شيبة قال الحافظ ابن حجر: وفيه نظر لأن سعد بن عبادة لم يشهد بدرا وإن كان يعد فيهم لكونه ممن ضرب له بسهمه والمحفوظ أن هذا الكلام لسعد بن معاذ كذا ذكره موسى بن عقبة وغيره من كتاب السير وزادوا "فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أشيروا علي فعرفوا أنه يريد الأنصار لأنه لم يكن بايعهم على أن يخرجوا معه للقتال وطلب العدو وإنما بايعهم على أن يمنعوه ممن يقصده فكان يتخوف أن لا يوافقوه على القتال فقال له سعد بن معاذ: امض يا رسول الله لما أمرت به فنحن معك لئن سرت حتى تأتي برك الغماد من ذي يمن لنسيرن معك ولا نكون كالذين قالوا لموسى: اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون ولكنا نقول: اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون ولعلك -يا رسول الله- خرجت لأمر فأحدث الله غيره فامض لما شئت وصل حبال من شئت واقطع حبال من شئت وسالم من شئت وعاد من شئت وخذ من أموالنا ما شئت" والمحفوظ أيضا أن المقداد بن الأسود قال هذا القول فقد روى البخاري عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: شهدت من المقداد بن الأسود مشهدا -لأن أكون صاحبه أحب إلي مما عدل به أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يدعو على المشركين فقال: لا نقول كما قال قوم موسى: اذهب أنت وربك فقاتلا ولكنا نقاتل عن يمينك وعن شمالك وبين يديك وخلفك فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم أشرق وجهه وسره" قال الحافظ ابن حجر: ويمكن الجمع بأن النبي صلى الله عليه وسلم استشارهم في غزوة بدر مرتين الأولى وهو بالمدينة أول ما بلغه خبر العير مع أبي سفيان وذلك بين في رواية مسلم ولفظه "أن النبي صلى الله عليه وسلم شاور حين بلغه إقبال أبي سفيان" والثانية كانت بعد أن خرج ووقع عند الطبراني أن سعد بن عبادة قال ذلك بالحديبية وهذا أولى بالصواب. اهـ.
(فقال: إيانا [معشر الأنصار] تريد يا رسول الله؟ ) وعلم من أسارير رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نعم فقال: