للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

-وقد خرج من أسفل مكة وتنكب الطريق وركب الجبال حتى هبط على المسلمين ورمي بنفسه بين أظهر المسلمين ففرح به المسلمون وتلقوه وعند ابن إسحق "فقام سهيل بن عمرو إلى أبي جندل فضرب وجهه وأخذ يلببه" "فقال سهيل: هذا -يا محمد- أول من أقاضيك عليه أن ترده إلي فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إنا لم نقض الكتاب بعد قال: فوالله إذن لم أصالحك على شيء أبدا قال النبي صلى الله عليه وسلم: فأجزه لي" أي امض لي فعلي فيه فلا أرده إليك واستثنه من العقد "قال: ما أنا بمجيزه لك.

قال: بلى فافعل قال: ما أنا بفاعل قال أبو جندل: يا معشر المسلمين أرد إلى المشركين وقد جئت مسلما؟ ألا ترون ما قد لقيت؟ وكان قد عذب عذابا شديدا في الله"، زاد ابن إسحق فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم" يا أبا جندل اصبر واحتسب فإنا لا نغدر وإن الله جاعل لك فرجا ومخرجا" وفي رواية "فوثب عمر مع أبي جندل يمشي إلى جنبه ويقول: اصبر فإنما هم مشركون وإنما دم أحدهم كدم كلب وأخذ يدني قائمة سيفه من أبي جندل يلوح له أن يأخذه يقول عمر: رجوت أن يأخذه مني فيضرب به أباه فضن الرجل بأبيه وأعيد أبو جندل في أسر أبيه وجاء إلى المدينة مسلم قريشي يدعى أبا بصير فأرسلوا في طلبه رجلين فقالا: العهد الذي جعلت لنا؟ فدفعه صلى الله عليه وسلم إلى الرجلين وقال له: إن هؤلاء القوم صالحونا على ما علمت وإنا لا نغدر فالحق بقومك فقال: يا رسول الله أتردني للمشركين يفتنونني عن ديني ويعذبونني؟ قال: اصبر واحتسب فإن الله جاعل لك فرجا ومخرجا وفي رواية "فقال له عمر: أنت رجل وهو رجل ومعه السيف" يحرضه على قتلهما "فخرجا به حتى بلغ ذا الحليفة فنزلوا يأكلون من تمر معهم فقال أبو بصير لأحد الرجلين: إني لأرى سيفك جيدا أرني أنظر إليه فأمكنه منه فضربه به حتى قتله وفر الآخر حتى أتى المدينة وجاء أبو بصير إلى النبي صلى الله عليه وسلم فعرف أنه سيرده إليهم فخرج حتى أتى سيف البحر وانفلت من مشركي مكة أبو جندل فلحق بأبي بصير فكونا عصابة من مسلمي مكة المضطهدين قيل: بلغت ثلاثمائة رجل ما يسمعون بعير خرجت لقريش إلى الشام إلا اعترضوا لها فقتلوا وأخذوا أموالهم فأرسلت قريش إلى النبي صلى الله عليه وسلم: نناشدك الله والرحم من خرج منا إليك فهو حلال لك فكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي بصير فقدم الكتاب وأبو بصير يموت فمات وكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في يده فدفنه أبو جندل مكانه وجعل عند قبره مسجدا وقدم أبو جندل وممن معه إلى المدينة.

(فأراه مكانها فمحاها وكتب: ابن عبد الله فأقام بها ثلاثة أيام) هكذا في الرواية الثالثة وفيها طي واختصار والمقصود أن هذا الكلام لم يقع في عام صلح الحديبية وإنما وقع في السنة الثانية وهي عمرة القضاء وكانوا شارطوا النبي صلى الله عليه وسلم في عام الحديبية أن يرجعوا دون دخول الحرم وأن يجيئوا العام المقبل فتترك لهم قريش مكة فيعتمرون ولا يقيمون فيها أكثر من ثلاثة أيام فجاء في العام المقبل فأقام إلى أواخر اليوم الثالث فحذف واستغنى عن ذكره بكونه معلوما وقد جاء مبينا في روايات أخرى.

(قام سهيل بن حنيف يوم صفين) أي يوم حرب صفين بين علي ومعاوية رضي الله عنهما وقال هذا القول حين ظهر من أصحاب علي رضي الله عنه كراهة التحكيم.

<<  <  ج: ص:  >  >>