(فقال: يا أيها الناس اتهموا أنفسكم لقد كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية ولو نرى قتالا لقاتلنا) في الرواية السادسة "أيها الناس. اتهموا رأيكم على دينكم لقد رأيتني يوم أبي جندل ولو أستطيع أن أرد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم لرددته" يوم أبي جندل يوم الحديبية يوم الصلح وقد سبق بيانه قريبا وإنما نسبه إلى أبي جندل لأنه لم يكن في هذا اليوم على المسلمين أشد من قصته والمراد باتهام الرأي عدم الإسراع في اتخاذ القرار والتروي فيه والاتجاه به نحو الصلح بدلا من رفضه فالصلح خير ويرجى بعده الخير وإن كان ظاهره أحيانا تأنف منه النفوس الأبية كما حصل في صلح الحديبية فقد كانت نفوسنا تأباه وكان رأينا القتال.
(والله ما وضعنا سيوفنا على عواتقنا إلى أمر قط إلا أسهلن بنا إلى أمر نعرفه إلا أمركم هذا) وضع السيوف على العواتق كناية عن حملها وهي عادة تتدلى من علاقة معلقة بالكتف والمعنى ما حملنا سيوفنا لمعركة ما إلا كنا نعرف هدفنا ونتبين طريقنا إلا هذا الأمر الذي نحن فيه فقد عمى علينا الحق واختلط بالباطل فلم نعد ندري هل القتال حق أو لا؟ " أسهلن" بفتح الهمزة وسكون السين وفتح الهاء وسكون اللام ونون النسوة أي يسرن وكشفن وأدت بنا إلى أمر واضح فاالضمير للسيوف مجازا.
وفي ملحق الرواية السادسة "ولو أستطيع أن أرد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم" بحذف جواب "لو" المذكور في أصل الرواية وحذف جواب "لو" للعلم به كثير ومنه قوله تعالى {ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت}[الأنعام: ٩٣].
(ما فتحنا منه في خصم إلا انفجر علينا منه خصم) قال النووي: الضمير في "منه" عائد إلى قوله "اتهموا رأيكم" ومعناه ما أصلحنا من رأيكم وأمركم هذا ناحية إلا انفتحت أخرى ولا يصح عود الضمير إلى غير ما ذكرناه وأما قوله "ما فتحنا منه خصما" فكذا هو في مسلم قال القاضي وهو غلط أو تغيير وصوابه: ما سددنا منه خصما وكذا هو في رواية البخاري "ما سددنا" وبه يستقيم المعنى ويتقابل "سددنا" بقوله "إلا انفجر" وأما الخصم فبضم الخاء وخصم كل شيء طرفه وناحيته وشبهه بخصم الراوية وانفجار الماء من طرفها أو بخصم الغرارة والخرج وانصباب ما فيه بانفجاره. اهـ.
وفي ملحق الرواية السادسة "إلى أمر يفظعنا" أي يشق علينا ونخافه".