{ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا} أي إن جهلنا وفعلنا الخطأ عن اجتهاد.
{ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا} "إصرا" ثقلا، وقيل: الإصر الأمر الغليظ الصعب، وقيل: شدة العمل وما غلظ على بني إسرائيل. وتفسيره بالعهد تفسير باللازم، لأن الوفاء بالعهد شديد، والمراد بالذين من قبلنا بنو إسرائيل، وقد حرم عليهم الطيبات بظلمهم، قيل: وكانوا إذا أذنبوا بالليل وجدوا ذلك مكتوبا على أبوابهم.
{ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به} أي لا تثقلنا من العمل بما لا نطيق فتعذبنا.
{واعف عنا} أي عن ذنوبنا، تقول: عفوت عن ذنبه إذا تركته ولم تعاقبه.
{واغفر لنا} أي استر على ذنوبنا، ولا تفضحنا، والغفر: الستر.
{فانصرنا على القوم الكافرين} أي أظهرنا عليهم في الحجة والحرب وإظهار الدين.
(دخل قلوبهم منها شيء) ليس المراد من الشيء الشك والارتياب، وإنما المراد منه ما فسر به في الرواية الأولى، أي دخل قلوبهم شيء من الحرج والمشقة والاستعظام.
(لم يدخل قلوبهم من شيء) فاعل "يدخل" ضمير يعود على "شيء" الأولى، والتقدير: لم يدخل قلوبهم مثله من شيء قبل هذا الشيء، وهذا استعظام لما دخل في قلوبهم.
-[فقه الحديث]-
ظاهر قوله في الرواية الأولى "فلما فعلوا ذلك نسخها الله تعالى فأنزل {لا يكلف الله نفسا إلا وسعها} " أن في الآيتين نسخا، وعليه أكثر المفسرين، لأن الراوي قد روى النسخ ونص عليه لفظا ومعنى، وطريق علم النسخ إنما هو بالخبر عنه، وبالتاريخ بأن يكون الناسخ متأخرا زمنا عن المنسوخ، وهما مجتمعان في هذه الآية، ومعنى هذا أن الآية الأولى أفادت مؤاخذة الله إياهم وتكليفهم بما لا يملك من الخواطر، وأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالإيمان والسمع والطاعة، فلما فعلوا ذلك وألقى الله الإيمان في قلوبهم رفع الله الحرج عنهم ونسخ هذا التكليف، ورفع هذا الثابت المستقر.
وأنكر بعضهم النسخ في الآية من وجهين:
الأول: أن الآية خبر، والنسخ لا يدخل في الأخبار.
الثاني: أن النسخ يصار إليه إذا تعذر الجمع وبناء الكلام بناء صحيحا، ولم يمكن رد إحدى الروايتين إلى الأخرى، مع أن الجمع غير متعذر، إذ قوله تعالى: {وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه} عموم يصح أن يشتمل على ما يملك من الخواطر وما لا يملك، فخصص هذا العموم بالآية الثانية، وبما يملك من الخواطر، ويكون معناها: إن تبدوا ما في أنفسكم مما هو في وسعكم وتحت كسبكم أو