والطبراني عن عبادة "أنه جرت له قصة مع أبي هريرة عند معاوية بالشام، فقال: يا أبا هريرة، إنك لم تكن معنا إذ بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في النشاط والكسل، وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعلى أن نقول بالحق، ولا نخاف في الله لومة لائم، وعلى أن ننصر رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قدم علينا يثرب، فنمنعه مما نمنع منه أنفسنا وأزواجنا وأبناءنا، ولنا الجنة، فهذه بيعة رسول الله صلى الله عليه وسلم بايعناه عليها".
البيعة الثانية التي بايعها عبادة بيعة الحرب، وكانت بعد الهجرة، وكانت على عدم الفرار.
والثالثة البيعة التي وقعت على نظير بيعة النساء، بعد فتح مكة.
(وعلى أن لا ننازع الأمر أهله) أي أن لا ننازع أهل الأمر أمرهم، أي أن لا ننازع الملوك والأمراء ملكهم وإمارتهم، زاد أحمد "وإن رأيت أن لك" أي وإن اعتقدت أن لك "في الأمر حقا" أي فلا تعمل بذلك الظن، بل اسمع وأطع، إلى أن يصل إليك بغير خروج عن الطاعة. وزاد ابن حبان "وإن أكلوا مالك، وضربوا ظهرك".
(وعلى أن نقول بالحق أينما كنا، لا نخاف في الله لومة لائم) قال النووي: معناه نأمر بالمعروف وننهي عن المنكر في كل زمان ومكان، الكبار والصغار، لا نداهن فيه أحدا، ولا نخافه هو، ولا نلتفت إلى الأئمة.
(حدثنا -أصلحك الله- بحديث ينفع الله به)"أصلحك الله" جملة خبرية لفظا، طلبية معنى، معترضة، وهي كلمة اعتادوها عند افتتاح الطلب، والظاهر أنهم أرادوا الدعاء له بالصلاح في جسمه، ليعافى من مرضه، أو أعم من ذلك.
(فكان فيما أخذ علينا: أن بايعنا على السمع والطاعة ..... )"أن بايعنا" هكذا الرواية بفتح العين، أي بايعنا هو على السمع والطاعة له، أي أخذ علينا مبايعته لنا على السمع والطاعة له، كذا وجهها الحافظ ابن حجر، والأولى أن تكون بسكون العين، أي أخذ علينا مبايعتنا له على السمع والطاعة له، لقوله قبل "فبايعناه" ولأنه أخذ عليهم مبايعتهم له، لا مبايعته لهم. والله أعلم.
(إلا أن تروا كفرا بواحا) بباء مفتوحة، بعدها واو، أي ظاهرا باديا، يقال: باح بالشيء، يبوح به، بوحا، وبواحا، إذا أذاعه وأظهره، وأنكر بعضهم "بواحا" وقال: إنما يجوز "بوحا" بسكون الواو، و"بؤاحا" بضم أوله ثم همزة ممدودة، وروي بالراء بدل الواو "براحا" قال الخطابي: وهو قريب من هذا المعنى، وأصل البراح الأرض القفراء، التي لا أنيس فيها ولا بناء، وروي عند الطبراني "كفرا صراحا" بصاد مضمومة، بعدها راء، وفي رواية "إلا أن يكون معصية لله بواحا" وعند أحمد "ما لم يأمروك بإثم بواحا".
وعند أحمد والطبراني والحاكم عن عبادة "سيلي أموركم من بعدي رجال، يعرفونكم ما تنكرون، وينكرون عليكم ما تعرفون، فلا طاعة لمن عصى الله" وعند ابن أبي شيبة "سيكون عليكم أمراء، يأمرونكم بما لا تعرفون، ويفعلون ما تنكرون، فليس لأولئك عليكم طاعة".