للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أما إذا فكر في معروف، ونوى الخير، وقصد الإحسان، فاكتبوا له هذا القصد وهذا العزم حسنة كاملة، فإن عمل ما نواه فاكتبوها عشرة حسنات.

ثم ألزم نفسه، وأوحى إلى نبيه صلى الله عليه وسلم، أن يبلغ أمته على لسان ربه، وبأسلوب الحديث القدسي، أن الله جل شأنه يقول: إن الله قدر الحسنات والسيئات، وقرر في شأنهما قرارا كريما: إذا أراد عبدي أن يعمل حسنة فأنا أكتبها له حسنة كاملة ما لم يعملها، فإذا عملها فأنا أكتبها له بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، إلى أضعاف كثيرة والله يضاعف لمن يشاء، وإذا أراد عبدي أن يعمل سيئة فأنا أغفر له ولا أكتبها عليه ما لم يعملها، فإذا عملها أكتبها عليه بمثلها، وقد أمحوها وأغفر لمن أشاء.

فلله الحمد، وله الشكر، ونسأله جل شأنه أن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته، فإن من حرم هذا الفضل، وسدت عليه أبواب الهداية وفاتته هذه السعة، فهو المحروم الهالك، فاللهم إنا نسألك العفو والعافية في الدين والدنيا والآخرة، رب العالمين.

-[المباحث العربية]-

(إن الله تجاوز لأمتي ما حدثت به أنفسها) في القاموس: تجاوز عن ذنبه لم يؤاخذه به. اهـ فالفعل يتعدى بحرف الجر، كما جاء في الرواية الثانية "عما حدثت به أنفسها" فيكون في الرواية الأولى مضمنا معنى "غفر" مثلا.

ولفظ "أنفسها" ضبطه العلماء بالنصب والرفع، ففاعل "حدثت" في حالة النصب ضمير يعود إلى الأمة. "وما" مصدرية، أو موصولة وإعرابها موصولة أوضح، والتقدير: تجاوز لأمتي عن الذي حدثت الأمة به أنفسها، ويؤيد النصب رواية "إن أحدنا يحدث نفسه" وفي حالة الرفع على الفاعلية يكون المفعول محذوفا، والتقدير: عما حدثتهم به أنفسهم فهو كقوله تعالى: {ونعلم ما توسوس به نفسه} [ق: ١٦] ففيه إشارة إلى أن التحديث من النفس بغير اختيار.

(ما لم يتكلموا أو يعملوا به) الفعلان تنازعا الجار والمجرور، والأصل ما لم يتكلموا به أو يعملوا به، والمقصود ما لم يتحقق في الخارج، لأن ما حدثت به النفس إما أن يتحقق في الخارج باللسان كالغيبة والنميمة والكذب والقذف، وإما أن يتحقق في الخارج بالجوارح الأخرى كالزنا والسرقة وشرب الخمر والقتل.

وليس المقصود من قوله "ما لم يتكلموا" ما لم يحكوه، فإن الشخص إذا قال: حدثتني نفسي بكذا فحاربتها لا يكون متكلما بما حدثته نفسه، ولكنه متكلم عنه، فلا يدخل في المؤاخذة.

و"ما" مصدرية زمانية، أي مدة عدم كلامهم به، أو مدة عدم عملهم به.

(ما لم تعمل أو تكلم به) هذه عبارة الرواية الثانية، ولفظ "تكلم" أصله "تتكلم" حذفت منه إحدى التاءين.

<<  <  ج: ص:  >  >>