(إذا هم عبدي) الهم ترجيح قصد الفعل، تقول: هممت بكذا أي قصدته بهمتي، وهو فوق مجرد خطور الشيء بالقلب، وسيأتي زيادة إيضاح له في فقه الحديث.
(كتبتها له) أي أمرت الكتبة بكتابتها له.
(فلا تكتبوها) الخطاب للملائكة الكاتبين.
(إلى سبعمائة ضعف) الضعف في اللغة المثل، والتحقيق أنه اسم يقع على العدد بشرط أن يكون معه عدد آخر، فإذا قيل: ضعف العشرة فهم أن المراد عشرون، ومن ذلك لو أقر بأن عليه ضعف درهم لزمه درهمان.
(سيئة واحدة) "واحدة" صفة مؤكدة، إذ الوحدة مفهومة من "سيئة" وهذا التأكيد لرفع توهم التضعيف الذي ذكر مع الحسنة.
(حدثنا أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال رسول الله) أي قال أبو هريرة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(إذا تحدث عبدي) أي إذا تحدثت نفس عبدي، ففي الكلام مضاف محذوف.
(قالت الملائكة: رب) أي قال واحد منهم "رب" فالإخبار عن المجموع، لا أن كلا منهم نادى بقوله: رب.
(يريد أن يعمل سيئة) أي يهم وتحدثه نفسه بعملها، وليس المقصود العزم المباشر للعمل.
(وهو أبصر به) وهو -أي الله- أبصر بهذا العبد وبإرادته من الملائكة، وهذه الجملة اعتراضية، لا محل لها من الإعراب، جيء بها لرفع إيهام أن إخبارهم له لإفادة العلم.
(إنما تركها من جراي) بفتح الجيم وتشديد الراء، وبالمد "جرائي" وبالقصر "جراي"، ومعناه من أجلي.
(إذا أحسن أحدكم إسلامه) أي إذا أسلم إسلاما حقيقيًا وليس كإسلام المنافقين.
(فيما يروي عن ربه) يحتمل أن يكون مما تلقاه صلى الله عليه وسلم عن ربه بلا واسطة، ويحتمل أن يكون مما تلقاه بواسطة الملك وهو الراجح.
قال الكرماني: يحتمل أن يكون من الأحاديث القدسية، ويحتمل أن يكون للبيان، لما فيه من الإسناد الصريح إلى الله، حيث قال: (إن الله كتب) ويحتمل أن يكون لبيان الواقع وليس فيه أن غيره ليس كذلك، لأنه صلى الله عليه وسلم لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى، بل فيه أن غيره كذلك إذ قال: "فيما يروي" أي في جملة ما يرويه. اهـ.