بأكلها، وزعم ابن حزم: أن أكلها لا يحل إلا بذكاة، وأكلها حلال، بريها وبحريها وأكل بيضها، وعن طاووس ومحمد بن علي وفقهاء المدينة إباحة أكلها، وكرهها بعضهم للاستخباث.
وقال أبو حنيفة: لا يحل غير السمك، بل السمك الميت الطافي على الماء لا يحل، واستدل بعموم تحريم الميتة، وبحديث جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "ما ألقاه البحر، وجزر عنه فكلوه، وما مات فيه فطفا فلا تأكلوه".
قال النووي: هذا حديث ضعيف باتفاق أئمة الحديث، لا يجوز الاحتجاج به، لو لم يعارضه شيء، كيف وهو معارض بحديث "هو الطهور ماؤه، الحل ميتته" وهو حديث صحيح، أخرجه مالك وأصحاب السنن واختلف فيما له شبه في البر مما لا يؤكل، والقياس يقتضي حله، لأنه سمك، لو مات في البر لأكل بغير تذكية، ولو نصب عنه الماء، فمات لأكل، فكذلك إذا مات وهو في البحر، كالخنزير والكلب، كلب البحر، وفرس الماء، واختلف قول الشافعي فيه وفي كل ذي ناب، كالتمساح والقرش والدلفين [الدرفيل] فإنه قد تعارض فيه دليلان: دليل تحليل، ودليل تحريم، فيغلب دليل التحريم احتياطاً على الأصح.
واختلف أيضاً فيما يعرف بالجري -بفتح الجيم، وقد سئل ابن عباس عن أكله، فقال: هو شيء كرهته اليهود، ونحن نأكله، ويقال له: الجريت، وهو ما لا قشر له، وهو نوع من السمك، يشبه الثعبان، عريض الوسط، دقيق الطرفين، قال الحافظ ابن حجر: والثعبان والعقرب والسرطان لا تؤكل، للاستخباث، والضرر اللاحق من السم.
وقال ابن عباس: كل من صيد البحر، صيد نصراني أو يهودي أو مجوسي. اهـ
وصيد النهر والقناة والحفرة والبركة والحوض ونحو ذلك حلال، فقد سئل عطاء عنها فقال: هي صيد بحر، ثم قرأ {هذا عذب فرات سائغ شرابه وهذا ملح أجاج ومن كل تأكلون لحماً طرياً} [فاطر: ١٢].
-[ويؤخذ من الحديث فوق ما تقدم]-
١ - أن الجيوش لا بد لها من أمير، يضبطها، وينقادون لأمره ونهيه.
٢ - وأنه ينبغي أن يكون الأمير أفضلهم. قالوا: ويستحب للرفقة -وإن قلوا أن يؤمروا بعضهم عليهم، وينقادوا له.
٣ - وجواز صد أهل الحرب، والخروج لأخذ مالهم واغتنامه. قاله النووي.
٤ - ومن توزيع تمرة تمرة، وفقدان التمرة ما كان عليه الصحابة -رضي الله عنهم- من الزهد في الدنيا، والتقلل منها، والصبر على الجوع، وخشونة العيش، وإقدامهم على الغزو مع هذه الحال.
٥ - ومن اجتهاد أبي عبيدة في أكل الميتة اجتهاد الصحابة في الأحكام في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، كما يجوز بعده.