للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

جميعاً" وفي الرواية الثالثة "لا تجمعوا بين الرطب والبسر، وبين الزبيب والتمر نبيذاً" وفي الرواية الثامنة "لا تنبذوا الزهو والرطب جميعاً، ولا تنبذوا الزبيب والتمر جميعاً" وهل المراد النهي عن خلط حبات الزبيب مع حبات التمر عند النقع للانتباذ؟ أم النهي عن خلط نبيذ الزبيب مع نبيذ التمر عند الشرب؟ سيأتي في فقه الحديث. والزهو هو البلح الملون، الذي ظهرت فيه صفرة أو حمرة، والبلح تمر النخل مادام أخضر، واحدته بلحة، والبسر هو البلح الأصفر أو الأحمر قبل أن يرطب، والرطب هو نضيج البسر، قبل أن يصير تمراً، والتمر هو اليابس من ثمر النخل، فالزهو بفتح الزاء وضمها وسكون الهاء درجة من درجات تلون البلح، بداية البسر، أو نهايته، يقال: زهت النخلة تزهو زهواً، وأزهت تزهى، وأنكر الأصمعي "أزهت" بالألف، وأنكر غيره "زهت" بلا ألف، قال النووي: وأثبتهما الجمهور، ورجحوا "زهت" بحذف الألف، وقال ابن الأعرابي: زهت ظهرت، وأزهت احمرت أو اصفرت، والأكثرون على خلافه.

والمقصود من الحديث أن لا يخلط صنفان -أي صنفين- في النبيذ، لأن الخلط أدعى إلى التغير، وأسرع للتخمر والجمع بين أكثر من صنفين من باب أولى، والمطلوب أن ينبذ كل صنف على حدة، كما صرح به الرواية السادسة، ولفظها "من شرب النبيذ منكم فليشربه زبيباً فرداً، أو تمراً فرداً، أو بسراً فرداً" وفي الرواية الثامنة والعاشرة والحادية عشرة "وانتبذوا كل واحد على حدته".

و"النبيذ" شراب يتخذ من نقيع الزبيب أو التمر أو غيرهما، ينقع، ويترك، حتى يتخمر، وفي مدة تركه، ودرجة تخمره بحث يأتي في الباب رقم ٥٥٧.

(كتب إلى أهل جرش) بضم الجيم وفتح الراء، بلد باليمن.

-[فقه الحديث]-

قال النووي: قال أصحابنا وغيرهم من العلماء: سبب الكراهة فيه أن الإسكار يسرع إليه بسبب الخلط، قبل أن يتغير طعمه، فيظن الشارب أنه ليس مسكراً، ويكون مسكراً، ومذهبنا ومذهب الجمهور أن هذا النهي لكراهة التنزيه، ولا يحرم ذلك، ما لم يصر مسكراً، وبهذا قال جماهير العلماء.

وقال بعض المالكية: هو حرام.

وقال أبو حنيفة، وأبو يوسف في رواية عنه: لا كراهة فيه، ولا بأس به، لأن ما حل مفرداً حل مخلوطاً، وأنكر عليه الجمهور، وقالوا: هذا القول منابذ لصاحب الشرع، فقد ثبتت الأحاديث الصحيحة الصريحة في النهي عنه، فإن لم يكن حراماً كان مكروهاً، قال القرطبي: وهذا أيضاً قياس مع وجود الفارق، إذ هو منتقض بجواز الزواج من كل واحدة من الأختين: منفردة، وتحريمهما مجتمعتين.

واختلف أصحاب مالك في أن النهي يختص بالشرب؟ أم يعمه وغيره، والأصح التعميم، في الانتباذ، أما في غير الانتباذ، بل في معجون وغيره، فلا بأس به. اهـ

<<  <  ج: ص:  >  >>