للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(وأغلقوا الباب) "ال" في "الباب" للجنس الصادق على كثيرين، وفي الرواية الخامسة "وأغلقوا الأبواب" وفيها مقابلة الجمع بالجمع المقتضي للقسمة آحاداً، أي ليغلق كل واحد منكم بابه. و"أغلقوا" بهمزة قطع من الرباعي، ولا يقال بهمزة وصل من الثلاثي، لأن الثلاثي لا يتعدى بنفسه، إلا في لغة نادرة، فالثلاثي يقال فيه: غلق الباب، بكسر اللام، ورفع الباب على الفاعلية، يغلق بفتح اللام، غلقاً بفتح اللام، إذا عسر فتحه، أما أغلق الباب فمعناه أوثقه بالغلق، بفتح اللام، وفي رواية للبخاري "وغلقوا الأبواب" بتشديد اللام، وفي رواية له "وأجيفوا الأبواب" أي أغلقوها.

(وأطفئوا السراج) في الرواية الخامسة "وأطفئوا مصابيحكم" وفي الرواية الثامنة "لا تتركوا النار في بيوتكم حين تنامون" وفي الرواية التاسعة "إن هذه النار إنما هي عدو لكم، فإذا نمتم فأطفئوها عنكم". قال النووي: هذا عام تدخل فيه نار السراج وغيرها، أما القناديل المعلقة في المساجد وغيرها، فإن خيف حريق بسببها دخلت في الأمر بالإطفاء، وإن أمن ذلك، كما هو الغالب، فالظاهر أنه لا بأس بها، لانتفاء العلة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم علل الأمر بالإطفاء في الحديث السابق، بأن الفويسقة تضرم النار على أهل البيت، فإذا انتفت العلة زال المنع. اهـ أقول: إن العلة لم تنحصر في النار، فالأولى أن يقال: إذا أمن الضرر والخطر من جميع الوجوه زال المنع، والأمان الحقيقي في اتباع هذه الإرشادات.

(فإن الفويسقة تضرم على أهل البيت بيتهم) في ملحق الرواية الرابعة "تضرم على أهل البيت ثيابهم" وفي ملحقها الثاني "والفويسقة تضرم البيت على أهله" والمراد بالفويسقة الفأرة، وتطلق الفأرة على الواحد من الفيران ذكراً أو أنثى، وقيل: يطلق الفأر على المذكر، والفأرة على المؤنث، والفأر يطلق على الكبير والصغير، وتخفف الهمزة، فيقال: فار، والجمع فئران وفيران وفئرة.

وأصل الفسق في اللغة الخروج، ومنه: فسقت الرطبة إذا خرجت عن قشرها، وقوله تعالى: {ففسق عن أمر ربه} [الكهف: ٥٠] أي خرج، وسمي الفاسق فاسقاً لخروجه عن طاعة ربه، والفأرة فاسقة لخروجها عن حكم غيرها بالإيذاء والإفساد وعدم الانتفاع، والتصغير فيها للتحقير، لا لتقليل فسقها، وعند ابن ماجه: قيل لأبي سعيد: لم قيل للفأرة فويسقة؟ فقال: لأن النبي صلى الله عليه وسلم استيقظ لها، وقد أخذت الفتيلة لتحرق بها البيت".

و"تضرم" بضم التاء مع إسكان الضاد، أي تحرق سريعاً، يقال: ضرمت النار، بكسر الراء تضرم بفتحها من الثلاثي اللازم، أي اتقدت، وأضرم النار أوقدها وأشعلها.

والفاء في "فإن الفويسقة" فاء التعليل، والجملة مرتبطة بإغلاق الباب وإطفاء السراج، كتعليل آخر، مع تعليل الشيطان. فإغلاق الباب يمنع الفويسقة من الدخول، وإطفاء السراج وكل نار يحول دون الإحراق في الليل، وإذا كانت الأحاديث قد أشارت إلى أن خطر الفويسقة الإحراق فليس فيها ما يقصر خطرها على ذلك، فمن أخطارها قرض الثياب والأمتعة وأكل الطعام ونقل الأوبئة والأمراض، وإثارة الذعر والفزع والتقزز عند كثير من الناس.

<<  <  ج: ص:  >  >>