بينه وبينه وقاية، وحذره وتجنبه، فالمعنى كانوا يخافون وقوع ذلك الوباء، ويحذرونه، ويبالغون في تغطية طعامهم وشرابهم في شهر كانون الأول، وهو الشهر المعروف، ويعرف بشهر ديسمبر و"كانون" ممنوع من الصرف، للعلمية والعجمة.
(إن هذه النار إنما هي عدو لكم) هكذا جاء بصيغة الحصر، مبالغة وتأكيد، وإلا ففيها مصالح العباد ومنافع لهم، قال ابن العربي: معنى كون النار عدواً لنا أنها تنافي أبداننا وأموالنا منافاة العدو، وإن كانت لنا بها منفعة، فأطلق أنها عدو لنا لوجود معنى العداوة فيها.
-[فقه الحديث]-
تتعرض هذه الأحاديث إلى إرشادات لحماية الإنسان والبيئة من الأضرار هي:
١ - تغطية إناء الطعام والشراب.
٢ - إغلاق الأبواب ليلاً.
٣ - إطفاء السراج عند النوم.
٤ - إطفاء النار عند النوم.
٥ - كف الصبيان والدواب من الانتشار ليلاً.
٦ - ذكر الله تعالى عند كل ذلك.
١ - أما تغطية إناء الطعام والشراب حتى ساعة الأكل والشرب فالمقصود منه أولاً -وبالذات- حماية ما في الإناء من الطعام والشراب من التلوث والأضرار الصحية التي تنتشر في الجو، والتي تحملها الحشرات الطائرة والزاحفة من الذباب والناموس والنمل والصراصير وغيرها، ومن "الميكروبات والفيروسات" الدقيقة التي لا ترى بالعين المجردة، والتي عبرت عنها الرواية السابعة بالوباء ينزل على الإناء غير المغطى، ومن الروائح الكريهة والمغيرة للطعام والشراب التي تنتشر في الأجواء المحيطة بالطعام والشراب. هذا هدف أول من تغطية الإناء، الهدف الثاني حفظ الإناء نفسه نظيفاً من الداخل، حتى يحين وضع الطعام فيه، وإلى ذلك أشار ملحق الرواية الرابعة، إذ جاء بلفظ "وأكفئوا الإناء" ويتمثل هذا الإرشاد في الغطاء المحكم المعد لذلك في هذه الأيام للأواني ذات الفوهة الواسعة، وللأواني وأسقية الشراب من المعادن أو الزجاج أو البلاستيك ذات الفوهة الضيقة، كما كانت تتمثل قديماً في ربط فم القربة بخيط يسد فتحتها.
لكن الروايات الأولى والثانية والثالثة والخامسة أمرت أن يخمر ولو بعود يوضع على عرض الإناء، إن لم يجد غطاء، وهذا الأمر مشكل، إذ العود لا يحقق الهدف المنشود من التغطية، وللعلماء في توجيه هذا التعبير اتجاهان.