ابن التين أن الأعرابي خالد بن الوليد، وتعقب بأن مثله لا يقال له: أعرابي قال الحافظ ابن حجر: وكأن الحامل لصاحب هذا القول على ذلك أنه رأى في حديث ابن عباس الآتي قريباً ذكر خالد، فظن أن القصة واحدة، وليس كذلك، فإن قصة ابن عباس في بيت ميمونة، وقصة أنس في دار أنس، فافترقا.
(وكن أمهاتي يحثثنني على خدمته) هذا على لغة: أكلوني البراغيث، أي الجمع بين الضمير الفاعل والاسم الظاهر، والأصل وكانت أمهاتي، يقصد أمه -أم سليم وخالته أم حرام وغيرهما من محارمه، وأطلق لفظ الأم عليهن من قبيل استعمال اللفظ في حقيقته ومجازه، وهذا على مذهب يجيزه، كالشافعي والباقلاني وغيرهما. والحث على خدمة النبي صلى الله عليه وسلم في بيت أنس كان تمهيداً لتعيينه خادماً له صلى الله عليه وسلم.
(الأيمنون. الأيمنون. الأيمنون) بالرفع، خبر مبتدأ محذوف، أي الأحق الأيمنون، أو مبتدأ، خبره محذوف، وفي الرواية الرابعة والعشرين "الأيمن فالأيمن" وقد ضبط بالنصب والرفع، وهما صحيحان فالنصب على أنه مفعول لفعل محذوف، أي أعطوا -أو قدموا- الأيمن فالأيمن، والرفع كما سبق، وعند البخاري "الأيمن والأيمن" بالواو، وفي رواية له "ألا فيمنوا".
(وعن يمينه غلام، وعن يساره أشياخ) في رواية للبخاري وعن يمينه غلام هو أحدث القوم" وفي رواية له "هو أصغر القوم" وقد حكى ابن بطال أن الغلام كان الفضل بن عباس، وحكى ابن التين أنه أخوه عبد الله، قال الحافظ ابن حجر: وهو الصواب، وقد روى ابن أبي حازم عن أبيه في حديث سهل بن سعد ذكر أبي بكر الصديق، فيمن كان عن يساره صلى الله عليه وسلم، ذكره ابن عبد البر، وخطأه، وقد أخرج الترمذي عن ابن عباس قال: "دخلت أنا وخالد بن الوليد على ميمونة، فجاءتنا بإناء من لبن، فشرب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنا على يمينه، وخالد على شماله، فقال لي: الشربة لك، فإن شئت آثرت بها خالداً؟ فقلت: ما كنت أوثر على سؤرك أحداً" فصح أن يعد خالد من الأشياخ، وليس في حديث ابن عباس ما يمنع أن يكون مع خالد في بيت ميمونة غيره.
(فقال للغلام: أتأذن لي أن أعطي هؤلاء) الأشياخ؟ قال ابن الجوزي: إنما استأذن الغلام، ولم يستأذن الأعرابي -في روايتنا الثالثة والعشرين والرابعة والعشرين والخامسة والعشرين- لأن الأعرابي لم يكن له علم بالشريعة، فاستألفه، بترك استئذانه، بخلاف الغلام، وقال النووي: السبب فيه أن الغلام كان ابن عمه، فكان له عليه إدلال، وكان من على اليسار أقارب الغلام أيضاً، وطيب نفسه مع ذلك بالاستئذان لبيان الحكم، وأن السنة تقديم الأيمن ولو كان مفضولاً بالنسبة إلى من على اليسار، وجاء في السنن أن النبي صلى الله عليه وسلم تلطف به، حيث قال له: "الشربة لك، وإن شئت آثرت بها خالداً"؟ وفي لفظ لأحمد "وإن شئت آثرت بها عمك" وإنما أطلق عليه عمه لكونه أسن منه، ولعل سنة كان قريباً من سن العباس، وإن كان من جهة أخرى من أقرانه، لكونه ابن خالته، وكان خالد مع رياسته في الجاهلية وشرف في قومه قد تأخر إسلامه، فلذلك استأذن له، بخلاف أبي بكر، فإن