وإلا فقد ذهب جماعة إلى وجوب ذلك. ثم قال النووي: وكذا يستحب حمد الله في آخره، وكذا تستحب التسمية في أول الشراب، بل في أول كل أمر ذي بال، قال العلماء: ويستحب أن يجهر بالتسمية، ليسمع غيره، وينبهه عليها، ولو ترك التسمية في أول الطعام، عامداً أو ناسياً أو جاهلاً أو مكرهاً أو عاجزاً أو لعارض آخر، ثم تمكن منها في أثناء أكله، يستحب أن يسمي، ويقول: بسم الله أوله وآخره.
ثم قال: والتسمية في شرب الماء واللبن والعسل والمرق والدواء وسائر المشروبات كالتسمية على الطعام في كل ما ذكرناه.
وتحصل التسمية بقول: بسم الله، فإن قال: بسم الله الرحمن الرحيم كان حسناً.
وسواء في استحباب التسمية الجنب والحائض وغيرهما.
وينبغي أن يسمي كل واحد من الآكلين، فإن سمى واحد منهم حصل أصل السنة، نص عليه الشافعي رضي الله عنه، ويستدل له بأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن الشيطان إنما يتمكن من الطعام إذا لم يذكر اسم الله عليه، ولأن المقصود يحصل بواحد، ويؤيده أيضاً حديث الذكر عند دخول البيت.
ثم قال: والصواب الذي عليه جماهير العلماء من السلف والخلف، من المحدثين والفقهاء والمتكلمين أن هذا الحديث وشبهه، من الأحاديث الواردة في أكل الشيطان محمولة على ظاهرها، وإن الشيطان يأكل حقيقة، إذ العقل لا يحيله، والشرع لم ينكره، بل أثبته، فوجب قبوله واعتقاده. اهـ
قال الحافظ ابن حجر: وأما قول النووي في أدب الأكل والشرب، من "الأذكار": والأفضل أن يقول بسم الله الرحمن الرحيم، فإن قال: بسم الله كفاه، وحصلت السنة فلم أر لما ادعاه من الأفضلية دليلاً خاصاً. اهـ ولكن الدليل العام بأفضلية بسم الله الرحمن الرحيم بجعل الحق مع النووي رحمه الله. ثم قال الحافظ ابن حجر: وأما ما ذكره الغزالي في آداب الأكل، من "الإحياء" أنه لو قال في كل لقمة: بسم الله. كان حسناً، وأنه يستحب أن يقول مع الأولى: بسم الله، ومع الثانية بسم الله الرحمن، ومع الثالثة، بسم الله الرحمن الرحيم. فلم أر لاستحباب ذلك دليلاً، والتكرار قد بين هو وجهه، بقوله: حتى لا يشغله الأكل عن ذكر الله. اهـ
٣ - وأما الأكل والشرب باليمين فعنه تقول الرواية الثالثة "لا تأكلوا بالشمال، فإن الشيطان يأكل بالشمال" وتقول الرواية الرابعة "إذا أكل أحدكم فليأكل بيمينه، وإذا شرب فليشرب بيمينه، فإن الشيطان يأكل بشماله، ويشرب بشماله" وتقول الرواية الخامسة "لا يأكلن أحدكم بشماله، ولا يشربن بها" وفي ملحقها "ولا يأخذ بها، ولا يعطي بها" وفي الرواية السادسة "أن رجلاً أكل عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بشماله، فقال: كل بيمينك، قال: لا أستطيع. قال: لا استطعت -ما منعه إلا الكبر- قال: فما رفعها إلى فيه" وفي الرواية السابعة والثامنة في قصة عمر بن أبي سلمة "كل بيمينك".
قال النووي: في هذه الأحاديث استحباب الأكل والشرب باليمين، وكراهة ذلك بالشمال، وكذلك كل أخذ وعطاء، وهذا إذا لم يكن عذر، من مرض أو جراحة، فإن كان فلا كراهة. اهـ