للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

و"ما أظرفه" أي: ما أحسن وجهه وهيئته ولسانه، و"ما أعقله" أي: ما أقوى عقله وذهنه وتفكيره وتمييزه الحسن من القبيح.

(وما في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان) الخردل نبات له حب أسود مقرح، صغير جدا، يضرب به المثل في الصغر بين الحبوب والواحدة خردلة، وليس المقصود من حبة الخردل هنا وزنها على الحقيقة، بل المراد المبالغة في الصغر، وهل المراد من الإيمان الأمانة باعتبارها لازمة له، أو حقيقة الإيمان؟ سيأتي توضيحه في فقه الحديث.

(ولقد أتى علي زمان) يقصد زمان الصدر الأول في الإسلام.

(وما أبالي أيكم بايعت) من المبايعة بالخلافة، أو من البيع والشراء.

التحقيق سيأتي بيانه في فقه الحديث، و"أيكم" بالنصب مفعول مقدم لبايعت، والجملة معمول "أبالي" والمعنى: كنت في هذا الزمان لوثوقي بوجود الأمانة في الناس، أقدم على مبايعة من اتفق، من غير بحث عن حاله.

(لئن كان مسلما) أي لئن كان من بايعته مسلما، وأخذ حقي خطأ.

(ليردنه علي دينه) أي ليرجعنه دينه وأمانته إلي بحقي، ويحول بينه وبين الخيانة.

(ليردنه علي ساعيه) أي الوالي عليه، فإنه أيضا كان يقوم بالأمانة في ولايته، فيستخرج حقي منه، وأكثر ما يستعمل الساعي في ولاة الصدقة ويحتمل أن يراد به هنا الذي يتولى قبض الجزية.

(وأما اليوم فما كنت لأبايع منكم إلا فلانا وفلانا) يحتمل أن يكون ذكره بهذا اللفظ، وأبهم لعدم جرح المخاطبين بما يعادل اتهامهم بالخيانة، ويحتمل أن يكون قد سمى اثنين من المشهورين بالأمانة إذ ذاك، فأبهمهما الراوي، والأول، هو الظاهر، لأنهم إنما يبهمون في الذم، أما في الوصف بالمدح فلا داعي للإبهام، ولكن إبهامه هو ليحسن كل من المخاطبين الظن بنفسه، والمعنى: لست أثق بأحد أأتمنه على بيع ولا شراء إلا فلانا وفلانا.

-[فقه الحديث]-

قال الله تعالى: {إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا} [الأحزاب: ٧٣].

قال صاحب التحرير: الأمانة المذكورة في الحديث هي الأمانة المذكورة في الآية، وهي عين الإيمان، فإن استمكنت في القلب قام بأداء ما أمر به، واجتنب ما نهي عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>