للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

في بلية وشدة في صرفك عن العمل بما أوحي إليك، وقال غيره: أصل الفتنة الاختبار، ثم استعملت فيما أخرجته المحنة والاختبار إلى المكروه، ثم أطلقت على كل مكروه، أو آيل إليه، كالكفر والإثم والتحريق والفضيحة والفجور وغير ذلك.

(لعلكم تعنون) بفتح التاء، أي تريدون وتقصدون.

(فتنة الرجل في أهله وجاره) فتنة الرجل في أهله وماله وولده ضروب من فرط محبته لهم، وشحه عليهم، وانشغاله بهم عن كثير من الخير، كما قال تعالى: {إنما أموالكم وأولادكم فتنة} [الأنفال: ٢٨] أو لتفريطه في ما يلزم من القيام بحقوقهم وتأديبهم وتعليمهم، فإنه راع لهم ومسئول عن رعيته، وكذلك فتنة الرجل في جاره من هذا القبيل.

وذكر "الرجل" لأنه الغالب، وصاحب الحكم في داره وأهله وإلا فالنساء شقائق الرجال في الحكم.

(قالوا: أجل) حرف جواب مثل نعم، وعن الأخفش: هي بعد الخبر أحسن من نعم.

(التي تموج موج البحر) أي تضطرب، ويرفع بعضها بعضا، وشبهها بموج البحر لشدة عظمها، وكثرة شيوعها، قال الحافظ ابن حجر: كني بذلك عن شدة المخاصمة وكثرة المنازعة، وما ينشأ عن ذلك من المشاتمة والمقاتلة.

(فأسكت القوم) "أسكت" بهمزة قطع، كذا هو في الأصول قال جمهور أهل اللغة: سكت وأسكت لغتان بمعنى صمت، وقال الأصمعي: سكت صمت وأسكت أطرق.

وإنما سكت القوم لأنهم لم يكونوا يحفظون هذا النوع من الفتنة، بل حفظوا النوع الأول.

(فقلت: أنا) في رواية البخاري: قلت: "أنا كما قاله" أي أحفظه كما قاله، وفي رواية أخرى للبخاري "أنا أحفظه كما قال".

(قال: أنت؟ لله أبوك) كلمة مدح تعتاد العرب الثناء بها، فإن الإضافة إلى العظيم تشريف كبيت الله وناقة الله. قال صاحب التحرير: إذا وجد من الولد ما يحمد قيل: لله أبوك حيث أتى بمثلك، وفي رواية البخاري "هات إنك لجريء" وفي رواية أخرى "إنك عليه [أي على الرسول صلى الله عليه وسلم] أو عليها [على المقالة] لجريء، فكيف قال؟ ".

(تعرض الفتن على القلوب كالحصير عودا عودا) اختلف في ضبط "عودا عودا" على ثلاثة أوجه: بضم العين وبالدال، وهو أظهرها وأشهرها، وبفتح العين وسكون الواو مع دال في آخره، أي تعاد وتكرر شيئا بعد شيء، وبفتح العين وسكون الواو مع ذال معجمة بدل الدال، ومعناه سؤال الاستعاذة منها، كما يقال غفرانا غفرانا، أي نسألك أن تعيذنا من ذلك، ومعنى تعرض تلصق بعرض القلوب، أي جانبها كما يلصق الحصير بجنب النائم، ويؤثر شدة التصاقها به، وقال بعضهم: معناه:

<<  <  ج: ص:  >  >>