للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تظهر على القلوب، أي تظهر على القلوب فتنة بعد أخرى، كما ينسج الحصير عودا عودا، وشظية بعد أخرى، وذلك أن ناسج الحصير عند العرب كلما صنع عودا أخذ آخر ونسجه.

(فأي قلب أشربها) أي دخلت فيه دخولا تاما وألزمها، وحلت منه محل الشراب، ومنه قوله تعالى: {وأشربوا في قلوبهم العجل} [البقرة: ٩٣] أي حب العجل، ومنه قولهم ثوب مشرب بحمرة، أي خالطته الحمرة مخالطة لا انفكاك لها.

(نكت فيه نكتة سوداء) أي نقط فيه نقطة، قال ابن دريد وغيره: كل نقطة في شيء بخلاف لونه فهو نكت.

(وأي قلب أنكرها) أي ردها ولم يقبلها.

(حتى تصير على قلبين) أي حتى تكون الفتنة أمام نوعين من القلوب.

(على أبيض مثل الصفا) "الصفا" الحجر الأملس الذي لا يعلق به شيء و (أبيض) صفة لموصوف محذوف و"مثل الصفا" صفة أخرى للموصوف المحذوف، وليس صفة لأبيض، والتقدير: على قلب أبيض على قلب مثل الصفا، فشبه شدة القلب على عقد الإيمان وسلامته من الخلل وأن الفتن لا تلصق به ولا تؤثر فيه بالحجر الأملس الذي لا يعلق به شيء.

(والآخر أسود مربادا) منصوب على الحال من الضمير في "أسود" وهو بتشديد الدال، وروي "مربئد" بتشديد الدال أيضا، مع الرفع على الوصف، والمربد الذي يجمع بين شبه البياض مع السواد، أي هو ما فيه شيء من بياض يسير يخالط السواد، وقيل: مربد لون بين السواد والغبرة، وقيل: أن يختلط السواد بكدرة.

(كالكوز مجخيا) "الكوز" إناء له يد يغرف به الماء "مجخيا" بضم الميم وفتح الجيم وتشديد الخاء المكسورة، أي مائلا منكوسا مقلوبا. فوصف القلب الآخر بوصفين، بالسواد مع الغبرة، وشبهه بالكوز المنكوس، فكما أن الكوز المنكوس لا يعلق به ماء كذلك هذا القلب لا يعلق به خير ولا حكمة، كما قال:

(لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا) صفة ثالثة للقلب، أي لا ينصاع إلى معروف ولا يرفض منكرا.

(إلا ما أشرب من هواه) استثناء منقطع، أي لكن يتبع هواه الذي تمكن منه.

(قال حذيفة: وحدثته) أي وحدثت عمر رضي الله عنه.

(أن بينك وبينها بابا مغلقا) أي بينك وبين الفتن المذكورة بابا مغلقا، وأنه لا يخرج منها شيء في حياتك، وفي رواية البخاري "ليس عليك منها بأس يا أمير المؤمنين، إن بينك وبينها بابا

<<  <  ج: ص:  >  >>