مغلقا" وكأنه مثل الفتن بدار ومثل حياة عمر بباب مغلق لها، ومثل موته بفتح ذلك الباب، فما دامت حياة عمر موجودة فالباب مغلق، لا يخرج شيء مما هو داخل تلك الدار، فإذا مات انفتح ذلك فخرج ما في الدار.
(يوشك أن يكسر) "يوشك" بضم الياء وكسر الشين، ومعناه يقرب.
(أكسرا؟ لا أبا لك) "كسرا" مفعول مطلق لفعل محذوف، أي أيكسر كسرا؟ و"لا أبا لك" كلمة تذكرها العرب للحث على الشيء ومعناها أن الإنسان إذا كان له أب وحزبه أمر، ووقع في شدة عاونه أبوه، ودفع عنه بعض الشدة، فلا يحتاج من الجد والاهتمام إلى ما يحتاج إليه حالة الانفراد وعدم الأب المعاون، فإذا قيل: لا أب لك. فمعناه جد في هذا الأمر وشمر وتأهب تأهب من ليس له معاون.
(فلو أنه فتح لعله كان يعاد) فإن المكسور لا يمكن إعادته، بخلاف المفتوح، ولأن الكسر لا يكون غالبا إلا عن إكراه وغلبة وخلاف عادة، وفي رواية البخاري "إذن لا يغلق أبدا" وفي رواية أخرى له "ذلك أحرى ألا يغلق" وفي أخرى "ذاك أجدر ألا يغلق إلى يوم القيامة".
(قلت: لا، بل يكسر) أي قلت: لا يفتح، بل يكسر.
(وحدثته أن ذلك الباب رجل) جاء هذا الرجل مبينا في رواية البخاري وأنه عمر رضي الله عنه، فإن قيل: كيف يفسر الباب بعمر مع أنه قال قبل: "إن بينك وبينها بابا"؟ قلنا إن المراد أن بين الفتنة وبين حياة عمر بابا هو موته، فالباب موت عمر، وهو بين حياة عمر وبين الفتنة، ففي الكلام مضاف محذوف، أي ذلك الباب قتل أو موت رجل.
(يقتل أو يموت) على الشك من حذيفة، أو أن حذيفة سمعه كذلك من النبي صلى الله عليه وسلم وسيأتي مزيد بحث له في فقه الحديث.
(حديثا ليس بالأغاليط) "حديثا" مفعول مطلق لحدثته، والأغاليط جمع أغلوطة، وهي التي يغالط بها، والمعنى: حدثته حديثا صدقا محققا، ليس هو من صحف الكتابيين، ولا عن اجتهاد ذي رأي، بل من حديث النبي صلى الله عليه وسلم.
(لما قدم حذيفة من عند عمر) أي لما قدم حذيفة من المدينة إلى الكوفة.
(إن أمير المؤمنين أمس) المراد بأمس - هنا - الزمان الماضي، لا أمس يومه، أي ليس اليوم الذي يليه يوم تحديثه، وأكثر العرب يبني (أمس) على الكسر معرفة، ومنهم من يعربه معرفة، وكلهم يعربه إذا دخلت عليه الألف واللام، أو صيره نكرة، أو أضافه.
(أيكم يحدثنا ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم) "ما" موصولة مفعول (يحدثنا) والعائد محذوف أي يحدثنا الذي قاله، ويصح أن تكون مصدرية، والتقدير يحدثنا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم.