للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

"أن أبيا رضي الله عنه قال: يا ابن الخطاب فلا تكونن عذاباً على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: سبحان الله! ! إنما سمعت شيئاً، فأحببت أن أتثبت". اهـ

وقال الحافظ ابن حجر: وقد استشكل ابن العربي إنكار عمر على أبي موسى حديثه المذكور، مع كونه وقع له مثل ذلك، مع النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك في حديث ابن عباس الطويل، في هجر النبي صلى الله عليه وسلم نساءه في المشربة، فإن فيه أن عمر استأذن مرة بعد مرة، فلما لم يؤذن له في الثالثة رجع، حتى جاءه الإذن، قال: والجواب عن ذلك أنه لم يقض فيه بعلمه، أو لعله نسي ما كان وقع له، ويؤيده قوله "شغلني الصفق بالأسواق" قال الحافظ ابن حجر: والصورة التي وقعت لعمر ليست مطابقة لما رواه أبو موسى، بل استأذن في كل مرة، فلم يؤذن له، فرجع، فلما رجع في الثالثة استدعى، فأذن له.

٢ - واستدل به من ادعى أن خبر العدل بمفرده لا يقبل، حتى ينضم إليه غيره، كما في الشهادة، قال ابن بطال: وهو خطأ من قائله، وجهل بمذهب عمر، فقد جاء في بعض طرقه أن عمر قال لأبي موسى: أما إني لم أتهمك، ولكن أردت أن لا يتجرأ أحد على الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

٣ - أخذ منه الجمهور التثبت من خبر الواحد، لما يجوز عليه من السهو وغيره.

٤ - ويؤخذ منه أن لصاحب البيت -إذا سمع الاستئذان- أن لا يأذن، سواء سلم مرة أو مرتين أو ثلاثاً، إذا كان في شغل له، ديني أو دنيوي، أو كان له مقصد صحيح في عدم الإذن، فقد قيل: إن عمر رضي الله عنه تعمد أن يقف أبو موسى على بابه طويلاً، إيلاماً له، وتأديباً، لما بلغه أن أبا موسى يحبس الناس على بابه، في حال إمرته، وقد كان عمر استخلفه على الكوفة، فعند البخاري في الأدب المفرد "فقال عمر: يا عبد الله اشتد عليك أن تحتبس على بابي؟ اعلم أن الناس كذلك، يشتد عليهم أن يحتبسوا على بابك".

٥ - وفيه أن العالم المتبحر، قد يخفى عليه من العلم ما يعلمه من هو دونه، ولا يقدح ذلك في وصفه بالعلم والتبحر فيه.

٦ - ومن ضحكهم في الرواية الثالثة أن من تحقق من براءة الشخص مما يخشى منه، وأنه لا يناله بسبب ذلك مكروه، له أن يمازحه، ولو كان قبل إعلامه بما يطمئن به خاطره مما هو فيه، لكن بشرط أن لا يطول الفصل، لئلا يكون سبباً في طول تأذي الغير.

٧ - ومن إنكار أبي سعيد لضحكهم المبادرة إلى إزالة ما يقع من الهم بالممازحة.

٨ - استدل بالرواية الرابعة، بعبارة "إنا كنا نؤمر بهذا" أن قول الصحابي مثل ذلك يحمل على الرفع، ويقوي ذلك إذا ساقه مساق الاستدلال.

٩ - ومن قول عمر "ألهاني عنه الصفق بالأسواق" في الرواية الرابعة إطلاق اللهو على الاشتغال بالتجارة، لأنها ألهته عن طول ملازمته النبي صلى الله عليه وسلم، حتى سمع غيره منه ما لم يسمعه، وأصل اللهو في اللغة ما يلهي، سواء كان حراماً أو حلالاً، وفي الشرع ما يحرم فقط.

١٠ - ومن حالة أبي موسى بعد إنذاره من عمر رهبة الصحابة من عمر -رضي الله عنهم- أجمعين.

<<  <  ج: ص:  >  >>