للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ينزل عليه من السماء، وكان هو أحق الخلق أن يحصل له ذلك، وقال للذي سأله: أعقل ناقتي؟ أو أدعها؟ قال: "اعقلها وتوكل" فأشار إلى أن الاحتراز لا يدفع التوكل. والله أعلم.

٤ - وقد ذكرت الأحاديث حالات الرقى، ومواضع رخص فيها بالرقى، ففي الرواية، "رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل بيت من الأنصار في الرقية من كل ذي حمة" أي ذات سم، وفي الرواية "أو كانت به قرحة أو جرح" وفي الرواية، "رخص في الحمة والنملة والعين" من هنا قال بعض العلماء: لا تجوز الرقية إلا من العين واللدغة، أخذاً من حديث البخاري "لا رقية إلا من عين أو حمة" وأجيب بأن معنى الحصر فيه أنهما أصل كل ما يحتاج إلى الرقية، فيلتحق بالعين جواز رقية من به خبل، أو مرض نفسي أو عصبي، ويلتحق بالسم كل ما عرض للبدن، من قرح وغيره، وقيل: المراد بالحصر معنى الأفضل، أي لا رقية أنفع من الرقية في كذا وكذا، وقال النووي: الاقتصار في الأحاديث على أمور في مواضع الرقية ليس معناه تخصيص جوازها بهذه الأمور، وإنما معناه أنه سئل عن هذه الثلاثة فأذن فيها ولو سئل عن غيرها لأذن فيه، وقد رقى صلى الله عليه وسلم في غير هذه الأمور. اهـ

والتحقيق أن الرقبة التجاء إلى الله تعالى، وهو مطلوب عند كل نازلة، وأعظم النوازل المرض، ولا شافي في الحقيقة إلا الله، كما قال على لسان إبراهيم عليه السلام {وإذا مرضت فهو يشفين} [الشعراء: ٨٠] أي هو لا غيره، وفي الرقى "اشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك" ولا يقتصر في اللجوء إلى الله على حالة دون حالة، وفي أحاديث الباب كثير من العموم، فالرواية الأولى "كان إذا اشتكى" والشكوى أعم من الحالات المذكورة، وفي الرواية "كان إذا اشتكى منا إنسان" وفي الرواية "كان إذا عاد مريضاً" وفي الرواية "كان إذا مرض أحد من أهله" ففي كل ذلك دليل على أن الرقية لا تختص بمرض، دون مرض، وعلى الله قصد السبيل.

٥ - أما ألفاظ الرقى الواردة في الأحاديث، ففي الرواية الأولى "باسم الله يبريك، ومن كل داء يشفيك، ومن شر حاسد إذا حسد، وشر كل ذي عين" وفي الرواية الثانية "باسم الله أرقيك، من كل شيء يؤذيك، من شر نفس أو عين حاسد الله يشفيك، باسم الله أرقيك" وفي الرواية "أذهب الباس، رب الناس، واشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقماً" وفي الرواية "بيدك الشفاء، لا كاشف له إلا أنت" وفي الرواية، المعوذات، وفي الرواية "باسم الله. تربة أرضنا، بريقة بعضنا، ليشفي سقيمنا، بإذن ربنا" وفي الرواية الرابعة والعشرين والخامسة والعشرين فاتحة الكتاب، وفي الرواية "باسم الله ثلاثاً، أعوذ بالله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر. سبعاً".

أمام هذا ذهب بعض العلماء إلى كراهة الرقية بغير المعوذات -سورة الفلق وسورة الناس، وما في القرآن الكريم من التعوذ، كقوله تعالى {وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين* وأعوذ بك رب أن يحضرون} [المؤمنون: ٩٧، ٩٨] و {فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم} [النحل: ٩٨] واستدل هذا الفريق بما أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي وصححه ابن حبان والحاكم من رواية عبد الرحمن بن

<<  <  ج: ص:  >  >>