للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حرملة عن ابن مسعود "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكره عشرة خصال ... " فذكر منها "الرقى إلا بالمعوذات" قال البخاري: عبد الرحمن بن حرملة لا يصح حديثه، وقال الطبري: لا يحتج بهذا الخبر، لجهالة راويه، وعلى تقدير صحته فهو منسوخ بالإذن في الرقية بفاتحة الكتاب، ودافع المهلب عن هذا القول، فقال: إن في الفاتحة معنى الاستعاذة، وهو الاستعانة، فعلى هذا يختص الجواز، بما يشتمل على هذا المعنى، وقد أخرج الترمذي وحسنه النسائي، من حديث أبي سعيد "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعوذ من الجان وعين الإنسان، حتى نزلت المعوذات فأخذ بها، وترك ما سواها" قال الحافظ ابن حجر: وهذا لا يدل على المنع من التعوذ بغير هاتين السورتين بل يدل على الأولوية، ولا سيما مع ثبوت التعوذ بغيرهما، وإنما اكتفى بهما لما اشتملتا عليه من جوامع الاستعاذة من كل مكروه، جملة وتفصيلاً.

وذهب بعض العلماء إلى قصر الرقية على ما جاءت به الأحاديث.

وذهب فريق من العلماء إلى كراهة الرقى، ما لم تكن بذكر الله وأسمائه خاصة، وباللسان العربي، وبالذي يعرف معناه، ليكون بريئاً من الشرك، قال الحافظ ابن حجر: وعلى كراهة الرقى بغير كتاب الله علماء الأمة. اهـ وقال الربيع: سألت الشافعي عن الرقية؟ فقال: لا بأس أن يرقى بكتاب الله، وما يعرف من ذكر الله.

وذهب فريق من العلماء إلى جواز عموم الرقى ما لم يكن فيها شرك، وأجازوا كل رقية جربت منفعتها، ولو لم يعقل معناها، واستدلوا بقوله في الرواية، "اعرضوا على رقاكم، فعرضوها عليه، فقال: لا بأس بالرقى، ما لم يكن فيه شرك".

قال الحافظ ابن حجر: وقد أجمع العلماء على جواز الرقى عند تحقق ثلاثة شروط: أن يكون بكلام الله تعالى، أو بأسمائه وصفاته، وباللسان العربي، أو بما يعرف معناه من غيره، وأن يعتقد أن الرقية لا تؤثر بذاتها، بل بذات الله تعالى.

وقال القرطبي: الرقى ثلاثة أقسام: أحدها ما كان يرقى به في الجاهلية، مما لا يعقل معناه، فيجب اجتنابه، لئلا يكون فيه شرك، أو يؤدي إلى الشرك، الثاني ما كان بكلام الله أو بأسمائه فيجوز، فإن كان مأثوراً فيستحب، الثالث ما كان بأسماء غير الله، من ملك أو صالح، أو معظم من المخلوقات كالعرش والكعبة، قال: فهذا ليس من الواجب اجتنابه، ولا من المشروع الذي يتضمن الالتجاء إلى الله والتبرك به، فيكون تركه أولى، إلا أن يتضمن تعظيم المرقى به، فينبغي أن يجتنب كالحلف بغير الله.

أما رقية أهل الكتاب للمسلمين فقد قال عنها المازري: اختلف في استرقاء أهل الكتاب، فأجازها قوم، وكرهها مالك، لئلا يكون مما بدلوه، وأجاب من أجاز، بأن مثل هذا يبعد أن يقولوه، لأنه كالطب فغير الحاذق لا يحسن أن يقول، والحاذق يأنف أن يبدل، حرصاً على استمرار وصفه بالحذق، لترويج صناعته. اهـ، وفي الموطأ أن أبا بكر قال لليهودية، التي كانت ترقي عائشة: ارقيها بكتاب الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>