للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وسأل الربيع الشافعي: أيرقي أهل الكتاب المسلمين؟ قال: نعم إذا رقوا بما يعرف من كتاب الله، وبذكر الله.

أما ما يعرف عند أهل التعزيم بالنشرة، وهي تعاويذ وأدعية مخصوصة، وأفعال تشبه أفعال السحرة والعقد، فقد قال النووي: وسميت بذلك لأنها تنشر عن صاحبها، أي تخلي عنه، وقال جاء حديثها في غير مسلم، وقد أضافها صلى الله عليه وسلم إلى الشيطان حين سئل عنها، وقال الحسن: هي من السحر، قال القاضي: وهذا محمول على أنها أشياء خارجة عن كتاب الله تعالى وأذكاره، وعن المداواة المعروفة التي هي من جنس المبرح، وقد اختار بعض المتقدمين هذا، فكره حل المعقود عن امرأته، وقد حكى البخاري في صحيحه عن سعيد بن المسيب عن رجل به طب -أي ضرب من الجنون، أو رجل يؤخذ عن امرأته، أيخلى عنه؟ أو ينشر؟ قال: لا بأس به، إنما يريدون به الصلاح، فلم ينه عما ينفع، وممن أجاز النشرة الطبري، وهو الصحيح، اهـ وسيأتي مزيد عنها في باب السحر.

أما الحروف المقطعة فقد قال عنها ابن عبد السلام: يمنع منها ما لا يعرف، لئلا يكون فيها كفر. والله أعلم.

وأما كيفية استعمال هذه الرقى فالرواية صورت بعض الصور، ووضحناها في المباحث العربية، وفي الرواية يمسح الراقي المريض بيده، أو بيمينه، وفي الرواية، ينفث الراقي على المريض، ويمسحه بيده، وفي الرواية يضع الراقي يده على مكان الألم من الجسد، وفي الرواية تفل المستعيذ على يساره ثلاثاً، وكل هذه صور جائزة أو مستحبة، قال النووي: أجمعوا على جواز النفث في الرقية، واستحبه الجمهور من الصحابة والتابعين، ومن بعدهم، قال القاضي: وفائدة التفل أو النفث التبرك بتلك الرطوبة، والهواء والنفس، كما يتبرك بغسالة ما يكتب من الذكر والأسماء الحسنى. اهـ

وكره الأسود بن زيد، أحد التابعين، النفث مطلقاً، تمسكاً بقوله تعالى {ومن شر النفاثات في العقد} وكره إبراهيم النخعي النفث عند قراءة القرآن خاصة، ورد الجمهور على الأسود بأنه لا حجة له في الآية لأن المذموم ما كان من نفث السحرة وأهل الباطل، ولا يلزم منه ذم النفث مطلقاً، ولا سيما بعد ثبوته في الأحاديث الصحيحة، ورد الجمهور على النخعي بما جاء في ملحق الرواية، ولفظه "فجعل الرجل يقرأ أم القرآن، ويجمع بزاقة، ويتفل" وقد قصوا على النبي صلى الله عليه وسلم القصة، ولم ينكر ذلك صلى الله عليه وسلم، فكان ذلك حجة.

أما الرقية بالبخور والفسوخة والشبة وخرز الورقة بالإبرة والنار والملح، وعقد العقد، وكتابة خاتم سليمان وأمثال ذلك مما يفعله العامة، فمكروه أشد الكراهية.

بقي ما أشارت إليه الرواية الرابعة بلفظ "وإذا استغسلتم فاغسلوا" وقد أفاض في وصف غسل العائن، أو وضوئه، أو غسل بعض أعضائه، وإلقاء الغسالة على المصاب بالعين مع الرقية، فقال النووي والحافظ ابن حجر وغيرهما في صفة وضوء العائن: أن يؤتى بقدح ماء، ولا يوضع القدح في الأرض، فيأخذ منه غرفة، فيتمضمض بها، ثم يمجها في القدح، ثم يأخذ منه ما يغسل به وجهه، ثم

<<  <  ج: ص:  >  >>