للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٦ - واستدل الجمهور بالرواية، من قوله صلى الله عليه وسلم "خذوا منهم، واضربوا لي بسهم معكم" على جواز أخذ الأجرة على الرقى، وعلى تعليم القرآن، وخالف الحنفية، فمنعوه في التعليم وأجازوه في الرقى، كالدواء، قالوا: لأن تعليم القرآن عبادة، والأجر فيه على الله، وهو القياس في الرقى، إلا أنهم أجازوه فيها لهذا الحديث، وحمل بعضهم الأجر في هذا الحديث على الثواب، وسياق القصة، التي في هذا الحديث يأبى ذلك التأويل، وادعى بعضهم نسخه بالأحاديث الواردة في الوعيد على أخذ الأجرة على تعليم القرآن، وقد رواها أبو داود وغيره، وتعقب بأن إثبات النسخ بالاحتمال مردود، وبأن الأحاديث ليس فيها تصريح بالمنع على الإطلاق، بل هي وقائع أحوال محتملة التأويل، لتوافق الأحاديث الصحيحة التي في الباب، قال البخاري: وقال ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم "أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله" وقال الحكم: لم أسمع أحداً كره أجر المعلم.

-[ويؤخذ من الأحاديث فوق ما تقدم]-

١ - أن للرقى سراً، يعلمه الله، ولها آثار عجيبة، تتقاعس عنها العقول، ولما كان الله هو الشافي، وقد أودع سبحانه وتعالى آثار قدرته، في مباشرة أسباب معينة كالقرآن والأذكار والأدوية.

٢ - من الرواية الثانية، وتكرير "بسم الله أرقيك" توكيد الرقية وتكريرها، وتكرير الدعاء.

٣ - ومن الرواية الرابعة إثبات القدر، قال النووي: وهو حق بالنصوص وإجماع أهل السنة، ومعناه أن الأشياء كلها بقدر الله تعالى، ولا تقع إلا على حسب ما قدرها الله تعالى، وسبق بها علمه، فلا يقع ضرر العين، ولا غيره من الخير والشر، إلا بقدر الله تعالى.

٤ - ومن إثبات العين وأثرها وأضرارها استحباب الابتعاد عمن عرف بذلك، قال القاضي عياض: قال بعض العلماء: ينبغي إذا عرف أحد بالإصابة بالعين أن يجتنب، ويتحرز منه، وينبغي للإمام منعه من مداخلة الناس، ويأمره بلزوم بيته، فإن كان فقيراً أجرى عليه من الرزق ما يكفيه، ويكف أذاه عن الناس، فضرره أشد من ضرر آكل الثوم والبصل، الذي منعه النبي صلى الله عليه وسلم دخول المسجد، لئلا يؤذي المسلمين، ومن ضرر المجذوم الذي منعه عمر رضي الله عنه والعلماء بعده الاختلاط بالناس، ومن ضرر المؤذيات من المواشي التي يؤمر بتغريبها، إلى حيث لا يتأذى بها أحد. اهـ

وعلى العائن أن يقاوم من نفسه الشره والإعجاب الزائد بالنعمة، وأن يبرك، فعند النسائي "أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا رأى أحدكم من نفسه أو ماله أو أخيه شيئاً يعجبه، فليدع بالبركة، فإن العين حق" فواجب على كل من أعجبه شيء أن يبرك، فإنه إذا دعا بالبركة صرف المحذور، إن شاء الله.

والتبريك أن يقول: تبارك الله أحسن الخالقين. اللهم بارك فيه، ومن التبريك أن يقول: باسم الله ما شاء الله. لا قوة إلا بالله.

وعلى المسلم إذا لاقى عائناً، أو خاف عيناً، أو حسداً، أن يحصن نفسه، بقراءة المعوذتين والفاتحة، وبعض الأدعية، ومنها: حصنت نفسي بالحي القيوم الذي لا يموت أبداً، ودفعت عنها السوء بلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق وأحاذر.

<<  <  ج: ص:  >  >>