فلان شيطان أراد أنه خبيث أو قبيح، ويحتمل أن يكون المراد بالشياطين الحيات، والعرب تسمي بعض الحيات شيطاناً، وهو ثعبان قبيح الوجه.
(قالت: فقلت: يا رسول الله، أفلا أحرقته؟ قال: لا) في رواية للبخاري: "أفلا استخرجته؟ فقال: لا" وفي رواية "قلت: يا رسول الله، فأخرجه للناس" وفي رواية "أفلا أخرجته؟ قال: لا" وقد سبق أنه روي في الصحيح أنه أخرجه، فالمراد من الإخراج المثبت إخراج الجف، والمنفي استخراج ما حواه، ففي رواية "فأخرجوه فرموا به" ويحتمل أن مرادها من طلب إخراجه نشره بين الناس، وبقاؤه حتى يروه، وفي رواية للبخاري "أفلا؟ -أي تنشرت"؟ فيحتمل أن يكون من النشر، بمعنى الإخراج والإظهار، فيوافق رواية "أخرجته" وروايتنا "أفلا أحرقته"؟ قال النووي: كل من الروايتين صحيح، كأنها طلبت أن يخرجه ثم يحرقه. اهـ
وأغرب القرطبي، فجعل الضمير في "أحرقته" للبيد بن الأعصم، قال: واستفهمته عائشة من ذلك، عقوبة له على ما صنع من السحر، فأجابها بالامتناع، ونبه على سببه، وهو خوف وقوع شر بينهم وبين اليهود، لأجل العهد، فلو قتله لثارت فتنة. كذا قال. قال الحافظ ابن حجر: ولا أدري ما وجه تعيين قتله بالإحراق؟ لو سلم أن الرواية ثابتة، وأن الضمير له؟ .
(أما أنا فقد عافاني الله، وكرهت أن أثير على الناس شراً، فأمرت بها فدفنت) في رواية للبخاري: "أما والله فقد شفاني، وأكره أن أثير على أحد من الناس شراً" وفي رواية "سوءاً" وفي رواية "فكرهت أن أثير على الناس فيه شراً" والمراد من الناس عموم الموجودين آنذاك، قال النووي: خشي من إخراجه وإشاعته ضرراً على المسلمين من تذكر السحر وتعلمه ونحو ذلك، وهو من باب ترك المصلحة خوفاً من المفسدة، وفي رواية "على أمتي" وقيل: المراد بالناس هنا لبيد بن الأعصم، لأنه كان منافقاً، فأراد صلى الله عليه وسلم أن لا يثير عليه شراً، لأنه كان يؤثر الإغضاء عمن يظهر الإسلام، ولو صدر منه ما صدر، وفي بعض الروايات "فقيل: يا رسول الله، لو قتلته؟ قال: ما وراءه من عذاب الله أشد" وفي رواية "فأخذه النبي صلى الله عليه وسلم فاعترف، فعفا عنه" وفي رواية "فما ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم لذلك اليهودي شيئاً مما صنع به، ولا رآه في وجهه" وفي رواية "فقال له: ما حملك على هذا؟ قال: حب الدنانير" قال الزهري: إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقتله، ونقل عن الواقدي أن ذلك أصح من رواية من قال: إنه قتله، والضمير في قوله "فأمرت بها فدفنت" للبئر، وقد تقدم أن الحارث بن قيس هورها ودفنها.
-[فقه الحديث]-
قال الحافظ ابن حجر: قال الراغب وغيره: السحر يطلق على معان: أحدها ما لطف ودق، ومنه سحرت الصبي خادعته واستملته، وكل من استمال شيئاً فقد سحره، ومنه قولهم: الطبيعة ساحرة، ومنه حديث "إن من البيان لسحرا" الثاني: ما يقع بخداع وتخييلات لا حقيقة لها، نحو ما يفعله المشعوذ من صرف الأبصار عما يتعاطاه بخفة يده، وإلى ذلك الإشارة بقوله تعالى {يخيل إليه من