للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فيه سبعة أشفية، منها ذات الجنب، ويسعط به من العذرة، ويلد من ذات الجنب" وقال: "ما من داء إلا في الحبة السوداء منه شفاء" وقال لأخي الرجل المبطون: اسقه عسلاً، ثلاث مرات، ثم قال له "صدق الله وكذب بطن أخيك".

لا يشك مؤمن في صدقه صلى الله عليه وسلم فيما قال، ولا يتصور مسلم أن يأمر صلى الله عليه وسلم بأمر به ضرر للأمة، ولا يتصور مسلم أن ينزل جبريل، فيقر خطأ محمد صلى الله عليه وسلم فيما أمر به الناس، ولكنها الأدوية المتاحة للأمراض الحاصلة، وما كان لينتظر بالمرض حتى تتطور العقاقير وأساليب العلاج، والرقى بالعمليات الجراحية، وإن ظروف الحكم وملابساته جزء من الحكم، لا تفترق عنه، ولو أننا اليوم -ومع هذا التطور- لو حكمت علينا الظروف بما حكمت على محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه لتداوينا بمثل دوائهم، ولا تقاس ظروف يسيرة على ظروف عسيرة، ولا يطعن اليوم على دواء كان هو المتاح بالأمس بحجة أنه لا يصلح اليوم، وإنما يسأل: هل كان هناك بالأمس أصلح مما وصف فلم يوصف؟ وهل حصل مما وصف ضرر كان بالإمكان تجنبه؟

نشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وهو الصادق الأمين.

-[المباحث العربية]-

(لكل داء دواء) الدواء بفتح الدال ممدود، وحكى جماعة فيه لغة بكسر الدال، قال القاضي: هي لغة الكلاميين، وهي شاذة.

والداء خروج الجسم عن المجرى الطبيعي، والمداواة رده إليه، وحفظ الصحة بقاؤه عليه، بإصلاح الأغذية والبعد عن أسباب المرض، ورده يكون بالموافق من الأدوية.

وهذا التعميم في "لكل داء دواء" باق على عمومه، ولا يقال: نجد كثيرين من المرضى يداوون، فلا يبرءون، فإنما ذلك لفقد العلم بحقيقة المداواة، لا لفقد الدواء، فدواء كل مرض موجود، لكنه قد يدق، ويخفى على الأطباء.

(فإذا أصيب دواء الداء برأ بإذن الله) أي إذا أصاب الدواء الداء نوعاً وكيفية وكمية وزماناً برأ الداء، ويحتمل برأ المريض، وهو وإن لم يسبق له ذكر، لكن دل عليه الداء والدواء، وفاعل الإصابة هو الله تعالى أي إذا جعل الله الدواء مصيباً الداء برأ بإذن الله وإرادته وتقديره، وما الدواء إلا سبب.

وفي البخاري "ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء" والمراد إنزال علم الشفاء للبشرية في الأرض، لكن يعلمه من يعلمه، ويجهله من يجهله، فعند النسائي وابن ماجه وصححه ابن حبان والحاكم "ما أنزل الله داء، إلا أنزل له شفاء، علمه من علمه، وجهله من جهله" وفي رواية زاد في أوله "يا أيها الناس تداووا" وعند أحمد "إن الله حيث خلق الداء خلق الدواء فتداووا" وعنده أيضاً "تداووا يا عباد الله، فإن الله لم يضع داء، إلا وضع له شفاء، إلا داء واحداً الهرم" أي ضعف الشيخوخة، نقص الصحة، فإن ذلك يقرب من الموت، ويفضي إليه، وفي رواية "إلا السام" والسام بتخفيف الميم

<<  <  ج: ص:  >  >>