للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(فغذاها فأحسن غذاءها) أي أطعمها.

(خذ هذا الحديث بغير شيء) من الأمور الدنيوية، وإلا فالأجر الأخروي حاصل له.

(فقد كان الرجل يرحل فيما دون هذا إلى المدينة) أي يرحل لأجل ما هو أهون أهمية من هذا الحديث من الكوفة إلى المدينة المنورة.

-[فقه الحديث]-

في المراد من أهل الكتاب هنا قال الحافظ ابن حجر: تظاهرت نصوص الكتاب والسنة على أن المراد بالكتاب التوراة والإنجيل، وقيل: المراد به هنا الإنجيل خاصة إن قلنا إن النصرانية ناسخة لليهودية، كذا قرره جماعة ولا يحتاج إلى اشتراط النسخ لأن عيسى عليه السلام كان قد أرسل إلى بني إسرائيل بلا خلاف، فمن أجابه منهم نسب إليه، ومن كذبه منهم واستمر على يهوديته لم يكن مؤمنا، فلا يتناوله الخبر، لأن شرطه أن يكون مؤمنا بنبيه، نعم من دخل في اليهودية من غير بني إسرائيل، أو لم يكن بحضرة عيسى عليه السلام، فلم تبلغه دعوته يصدق عليه أنه يهودي مؤمن، إذ هو مؤمن بنبيه موسى عليه السلام، ولم يكذب نبيا آخر بعده، فمن أدرك بعثة محمد صلى الله عليه وسلم، ممن كان بهذه المثابة، وآمن به لا يشكل أنه يدخل في المذكور، ومن هذا القبيل العرب الذين كانوا باليمن وغيرها ممن دخل منهم في اليهودية، ولم تبلغهم دعوة عيسى عليه السلام لكونه أرسل إلى بني إسرائيل خاصة، نعم الإشكال في اليهود الذين كانوا بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم، وقد ثبت أن الآية الموافقة لهذا الحديث وهي قوله تعالى: {الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون وإذا يتلى عليهم قالوا آمنا به إنه الحق من ربنا إنا كنا من قبله مسلمين أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا ويدرءون بالحسنة السيئة ومما رزقناهم ينفقون} [القصص: ٥٢ - ٥٤] نزلت في طائفة آمنوا منهم كعبد الله بن سلام وغيره، ففي الطبراني من حديث رفاعة القرظي قال: نزلت هذه الآية في، وفيمن آمن معي، وروى الطبري بإسناد صحيح عن علي بن رفاعة القرظي قال: خرج عشرة من أهل الكتاب، منهم أبو رفاعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فآمنوا به، فأوذوا، فنزلت {الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون} الآيات.

فهؤلاء من بني إسرائيل ولم يؤمنوا بعيسى، بل استمروا على اليهودية إلى أن آمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم، وقد ثبت أنهم يؤتون أجرهم مرتين.

قال الطيبي: فيحتمل إجراء الحديث على عمومه، إذ لا يبعد أن يكون طريان الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم سببا لقبول تلك الأديان وإن كانت منسوخة. اهـ.

ثم قال الحافظ ابن حجر: ويمكن أن يقال في حق هؤلاء الذين كانوا بالمدينة: إنه لم تبلغهم دعوة عيسى عليه السلام، لأنها لم تنتشر في أكثر البلاد، فاستمروا على يهوديتهم، مؤمنين بنبيهم موسى عليه السلام، إلى أن جاء الإسلام، فآمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم فبهذا يرتفع الإشكال. اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>