صلى الله عليه وسلم قال:"إذا قضى الله تعالى الأمر في السماء، ضربت الملائكة أجنحتها خضعاناً لقوله تعالى، كأنه سلسلة على صفوان، فإذا فزع عن قلوبهم قالوا: ماذا قال ربكم؟ قالوا: الذي قال: الحق، وهو العلي الكبير" وعند أبي داود عن ابن مسعود قال: إذا تكلم الله تعالى بالوحي، سمع أهل السماء صلصلة كجر السلسلة على الصفا، فيصعقون، فلا يزالون كذلك، حتى يأتيهم جبريل، فإذا أتاهم فزع عن قلوبهم، فيقولون: يا جبريل ماذا قال ربكم؟ فيقول: الحق. الحق".
(من أتى عرافاً) عند أبي يعلى بسند جيد "من أتى عرافاً أو ساحرا أو كاهناً" والعراف بفتح العين وتشديد الراء من يستخرج الوقوف على المغيبات بضرب من فعل أو قول، فيدعي مثلاً علمه بالسارق ومكان المسروق، ويدعي معرفة الريبة، وأطرافها فيمن وقعت بها ريبة ونحو ذلك.
(فسأله عن شيء، لم تقبل له صلاة أربعين ليلة) وعند أصحاب السنن وصححه الحاكم "من أتى كاهناً أو عرافاً، فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد" وعند الطبراني "من أتى كاهناً، فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد، ومن أتاه غير مصدق له، لم تقبل صلاته أربعين يوماً".
واعتمد العلماء غير رواية الطبراني لصحتها وكثرتها، فالعبرة بتصديقه، لا بمجرد إتيانه، فقد يأتيه لمصلحة أخرى غير الكهانة، ولا بمجرد سؤاله عن شيء، فقد يسأله عن شيء ليكشف كذبه ودجله، وقد جاء الوعيد تارة بعدم قبول الصلاة، وتارة بالتكفير، فيحمل على حالين، إن كان الآتي معتقداً بأنه يصدق مرة ويكذب أخرى، فأتاه فصدقه تصديقاً غير جازم ناسبه الوعيد بعدم قبول الصلاة، وإن أتاه معتقداً علمه بالغيب علماً لا يخطئ، فصدقه تصديقاً جازماً، ناسبه الوعيد بالكفر. والله أعلم.
(كان في وفد ثقيف رجل مجذوم) الجذام بضم الجيم وتخفيف الذال، قال الحافظ ابن حجر: هو علة رديئة، تحدث من انتشار المرة السوداء في البدن كله، فتفسد مزاج الأعضاء، وربما أفسد في آخره إيصالها، حتى يتآكل، قال ابن سيده: سمي بذلك لتجذم الأصابع وتقطعها.
(إنا قد بايعناك فارجع) أي فلا تأتنا للبيعة، وابق مكانك، وارجع عن عزمك الحضور إلينا، فلا ضرورة لوضع يدك في يدي.
-[فقه الحديث]-
المسألة الرئيسية في هذا الباب العدوى، وتأثيرها، والجمع بين نفيها في قوله "لا عدوى" وبين ما يفيد إثباتها، في روايتنا الرابعة والخامسة والسادسة والعشرين ورواية البخاري "لا عدوى ولا طيرة، ولا هامة ولا صفر، وفر من المجذوم، كما تفر من الأسد" وعند ابن خزيمة "لا عدوى، إذا رأيت المجذوم ففر منه، كما تفر من الأسد" وأخرج ابن ماجه "لا تديموا النظر إلى المجذومين" وأخرج أبو نعيم "كلم المجذوم وبينك وبينه قيد رمحين" وأخرج الطبري "أن عمر قال لمعيقيب: اجلس مني قيد رمح" وقد سلك العلماء في هذه المسألة مسالك مختلفة نجملها فيما يلي: