صلى الله عليه وسلم في فعله، ولا يضره شيء، ومن وجد في نفسه ضعفاً، فليتبع أمره بالفرار، لئلا يدخل بفعله في إلقاء نفسه إلى التهلكة.
والحاصل أن الأمور التي يتوقع فيها الضرر -وقد أباحت الحكمة الربانية الحذر منها- لا ينبغي للضعفاء أن يقربوها، وأما أصحاب الصدق واليقين فهم في ذلك بالخيار. اهـ وللصوفية قصص في لقاء الأسود، ومعاشرة السباع، يؤكدون بها هذا المعنى.
٩ - المذهب التاسع -وهو ما نميل إليه- أن الجاهلية كانوا يعتقدون أن الأمراض تعدي بطبعها، من غير أن يسندوا شيئاً منها إلى الله تعالى، فأبطل النبي صلى الله عليه وسلم اعتقادهم ذلك بقوله "لا عدوى" أي لا عدوى تؤثر بذاتها بل تأثيرها بإرادة الله تعالى، ولا شيء يعدي بطبعه، وأكل من المجذوم ليبين لهم أن الله هو الذي يمرض ويشفي، ونهاهم عن الدنو من المجذوم، ليبين لهم أن هذا من الأسباب التي أجرى الله العادة بأنها تفضي إلى مسبباتها، ففي نهيه إثبات الأسباب، وفي فعله إشارة إلى أنها لا تستقل، بل الله تعالى هو الذي إن شاء سلبها قواها، فلا تؤثر شيئاً، وإن شاء أبقاها، فأثرت. والله أعلم.
ملحوظة: هذه المسألة لها علاقة وثيقة بأحاديث الباب الذي قبل هذا الباب، فلتراجع.
-[ويؤخذ من الأحاديث فوق ما تقدم: ]-
١ - قال العلماء: الجامع لهذه المسائل ارتباطها بالضرر، توقعه، وحصوله، وعدم حصوله، فما لا يقع به الضرر أصلاً، ولا يطرد بصفة عامة، ولا خاصة، مثل له بالطيرة وإتيان الكهان، ودعا الشارع إلى عدم الالتفات إليه؛ وما يقع عنده الضرر، لكنه نادر كالعدوى والوباء فلا يقدم عليه، وما يقع منه الضرر، لكنه خاص، وهو متاعب المرأة والفرس والدار، وهذا يباح الفرار منه.
٢ - ومن الرواية الأولى نفي العدوى، وقد فصلنا القول فيه في المباحث العربية.
٣ - جواز مناقشة الطالب أستاذه إذا وقعت له شبهة.
٤ - قال القرطبي: في جواب النبي صلى الله عليه وسلم للأعرابي جواز مشافهة من وقعت له شبهة في اعتقاده، بذكر البرهان العقلي، إذا كان السائل أهلاً لفهمه، وأما من كان قاصراً فيخاطب بما يحتمله عقله من الإقناعات.
٥ - ومن تشبيه الإبل بالظباء، وقوع تشبيه الشيء بالشيء، إذا جمعهما وصف خاص، ولو تبايناً في الصورة.
٦ - وفيه نفي ما كانت الجاهلية تعتقده في "صفر" سواء في حية البطن، أو في نقل شهر مكان شهر آخر، كما سبق في المباحث العربية.
٧ - وفيه نفي ما كانت الجاهلية تعتقده في الهامة.
٨ - وفي الرواية الرابعة، في تفسير أبي هريرة للحارث، ما رطن به بالحبشية، شدة ورع أبي هريرة،