والتقدير: أوحى الله إليه هذه الجملة: أهلكت أمة بسبب قرص نملة لك؟ والكلام على الاستفهام الإنكاري التوبيخي، أي ما كان ينبغي ذلك وجملة "تسبح" صفة ثانية لأمة أي أهلكت أمة من الأمم مسبحة، إشارة إلى قوله تعالى {وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم}[الإسراء: ٤٤] وفي وصف الأمة بالتسبيح زيادة توبيخ، وفي الرواية الثالثة والعشرين والرابعة والعشرين "فأوحى الله إليه: فهلا نملة واحدة؟ "فهلا" للتوبيخ والتنديم، وتختص بالدخول على الفعل الماضي، والفعل هنا مقدر، و"نملة" بالنصب مفعوله، والتقدير: هلا عاقبت نملة واحدة، فقد قرصتك نملة واحدة، و"هلا" إذا دخلت على المضارع تكون للعرض أو التحضيض، ولا يصح هنا، والنملة واحدة النمل، وجمع الجمع نمال والنمل أعظم الحيوانات حيلة في طلب الرزق، ومن عجيب أمره أنه إذا وجد شيئا ولو قل أنذر الباقين، ويحتكر في زمن الصيف للشتاء وإذا خاف العفن على الحب أخرجه إلى ظاهر الأرض، وإذا حفر مكانه اتخذه تعاريج لئلا يجري إليه ماء المطر، وليس في الحيوان ما يحمل أثقل منه غيره.
(عذبت امرأة في هرة) الفعل الماضي مراد به الاستقبال، أي ستعذب وعبر بالماضي لتحقيق الوقوع، و"في" للسببية، وفي الكلام مضاف محذوف، أي بسبب إيذاء أو قتل هرة، وفي رواية البخاري "دخلت امرأة النار في هرة" وجاء في رواية أن المرأة كانت حميرية، وفي أخرى أنها كانت من بني إسرائيل، قال الحافظ ابن حجر: ولا تضاد بينهما، لأن طائفة من حمير كانوا قد دخلوا في اليهودية فنسبت إلى دينها تارة، وإلى قبيلتها أخرى، اهـ وفي رواية "من جرا هرة" و"جرا" بفتح الجيم وتشديد الراء مقصور، ويجوز فيه المد، والهرة أنثى السنور والهر الذكر ويجمع "الهر" على "هررة" كقرد وقردة، وتجمع "الهرة" على "هرر" كقربة وقرب.
(سجنتها حتى ماتت) في ملحق الرواية السادسة والعشرين "ربطتها"
(لا هي أطعمتها وسقتها إذ حبستها) وفي الرواية السادسة والعشرين "لم تطعمها ولم تسقها".
(ولا هي تركتها، تأكل من خشاش الأرض) وفي ملحق الرواية السادسة والعشرين "ولم تتركها تأكل من حشرات الأرض" و"خشاش الأرض" بالخاء المفتوحة والمكسورة والمضمومة، والفتح أشهر، وروي بالحاء المهملة والصواب الأول، وهي هوام الأرض وحشراتها، وقيل: المراد به نبات الأرض قال النووي: وهو ضعيف أو غلط. اهـ.
وفي رواية للبخاري "دنت مني النار، حتى قلت، أي رب، وأنا معهم؟ فإذا امرأة تخدشها هرة، قال: ما شأن هذه؟ قالوا: حبستها حتى ماتت جوعا".
(بينما رجل يمشي بطريق اشتد عليه العطش) في رواية "بينما رجل يمشي بفلاة" وفي رواية "يمشي بطريق مكة" ويجمع بينهما بأنه كان يمشي بفلاة بطريق مكة، وفي رواية البخاري "فاشتد عليه العطش، بالفاء الواقعة موقع "إذ" وسقطت هذه الفاء من رواية مسلم، ووقع في رواية "فاشتد عليه العطاش" قال ابن التين: العطاش داء يصيب الغنم، فلا تروى، وهو غير مناسب هنا.