للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أو تنقص، وقد جمع العلماء بين هذا الاختلاف، فقال عياض: هذا من اختلاف التقدير، لأن ذلك لم يقع في حديث واحد، حتى يعد اضطرابا من الرواة، وإنما جاء في أحاديث مختلفة، عن غير واحد من الصحابة، سمعوه في مواطن مختلفة.

وكان النبي صلى الله عليه وسلم يضرب في كل منها مثلا لبعد أقطار الحوض وسعته، بما يسنح له من العبارة، ويقرب ذلك، للعلم ببعد بين البلاد النائية، بعضها عن بعض، لا على إرادة المسافة المحققة. قال: فبهذا يجمع بين الألفاظ المختلفة من جهة المعنى، وتعقبه الحافظ ابن حجر، من جهة أن ضرب المثل والتقدير إنما يكون فيما يتقارب، وأما هذا الاختلاف المتباعد، الذي يزيد تارة على ثلاثين يوما، وينقص إلى ثلاثة أيام، فلا.

وقال القرطبي: ظن بعض الجاهلين أن الاختلاف في قدر الحوض اضطراب، وليس كذلك، ثم نقل كلام القاضي عياض، وزاد: وليس اختلافا، بل كلها تفيد أنه كبير، متسع، متباعد الجوانب، ثم قال: ولعل ذكره للجهات المختلفة بحسب من حضره، ممن يعرف تلك الجهة، فيخاطب كل قوم بالجهة التي يعرفونها.

وأجاب النووي بأنه ليس في ذكر المسافة القليلة ما يدفع المسافة الكبيرة، والأكثر ثباتا بالحديث الصحيح، فلا معارضة، قال الحافظ ابن حجر: وحاصله أنه يشير إلى أنه أخبر أولا بالمسافة اليسيرة، ثم أعلم بالمسافة الطويلة، فأخبر بها، كأن الله تفضل عليه باتساعه، شيئا بعد شيء، فيكون الاعتماد على ما يدل على أطولها مسافة، والله أعلم.

وعن مائه وأكوابه تقول الرواية الثالثة "ماؤه أبيض من الورق، وريحه أطيب من المسك، وكيزانه كنجوم السماء" قال النووي: هكذا هو في جميع النسخ "الورق" بكسر الراء، وهو الفضة، قال: والنحويون يقولون: إن فعل التعجب الذي يقال فيه: هو أفعل من كذا (يقصد أفعل التفضيل فهو هنا أفعل تفضيل، وليس أفعل تعجب، وإن كان هذا الشرط واحدا فيهما) إنما يكون فيما كان ماضيه على ثلاثة أحرف، فإن زاد لم يتعجب من فاعله - أي ولم يصغ منه أفعل التفضيل إلا بواسطة - وإنما يتعجب من مصدره، فلا يقال: ما أبيض زيدا، ولا زيد أبيض من عمر، وإنما يقال: ما أشد بياضه، وهو أشد بياضا من كذا، وقد جاء في الشعر أشياء من هذا الذي أنكروه، فعدوه شاذا، لا يقاس عليه، وهذا الحديث يدل على صحته، وهي لغة، وإن كانت قليلة الاستعمال، ومنها قول عمر: ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع.

وفي الرواية الثانية عشرة "فيه أباريق كنجوم السماء" وفي الرواية الثالثة عشرة "لآنيته أكثر من عدد نجوم السماء وكواكبها، ألا في الليلة المظلمة المصحية، ماؤه أشد بياضا من اللبن، وأحلى من العسل" وفي الرواية الرابعة عشرة "وسئل عن شرابه فقال: أشد بياضا من اللبن، وأحلى من العسل، يغت فيه ميزابان، يمدانه من الجنة، أحدهما من ذهب، والآخر من الورق" وفي الرواية السادسة عشرة "وإن فيه من الأباريق كعدد نجوم السماء" وفي الرواية الواحدة والعشرين "ترى فيه أباريق الذهب والفضة كعدد نجوم السماء" زاد في ملحق الرواية "أو أكثر من عدد نجوم السماء" وفي الرواية الثانية والعشرين "كأن الأباريق فيه النجوم".

<<  <  ج: ص:  >  >>