رسالة ربه، فيكون خاف أن يكون من الشيطان الرجيم، فأما منذ جاءه الملك برسالة ربه سبحانه وتعالى، فلا يجوز عليه الشك فيه، ولا يخشى من تسليط الشيطان عليه. اهـ.
قال النووي: وهذا الاحتمال الثاني ضعيف، لأنه خلاف تصريح الحديث، لأن هذا كله كان بعد غط الملك وإتيانه بـ {اقرأ باسم ربك الذي خلق}. اهـ.
أما قول ورقة: هذا الناموس الذي أنزل على موسى مع أنه كان قد تنصر وكان حقه أن يقول على عيسى. فلأن كتاب موسى عليه السلام مشتمل على أكثر الأحكام، بخلاف الإنجيل فإنه مواعظ، والأحكام قليلة فيه، وأغلبها موافق لما في التوراة فكان تنزل الناموس على محمد صلى الله عليه وسلم مشبها تنزله على موسى أكثر من شبه تنزله على عيسى عليهما السلام.
وقيل: تحقيقا للرسالة، لأن نزول جبريل على موسى متفق عليه بين أهل الكتاب، بخلاف عيسى، فإن كثيرا من اليهود ينكرون نبوته.
على أنه قد ورد في غير الصحيحين في هذه القصة أن ورقة قال: ناموس عيسى، أي إن ورقة - على هذا- كان تارة يقول: ناموس موسى وتارة ناموس عيسى.
-[ويؤخذ من الحديث فوق ما تقدم]-
١ - أن الرؤيا الصادقة كانت أولى المبتدآت من إيجاد الوحي، وأما مطلق ما يدل على ثبوته فقد تقدمت له أشياء، مثل تسليم الحجر، الذي ثبت في صحيح مسلم.
٢ - إعداد الزاد للمختلي إذا كان بحيث يتعذر عليه تحصيله، لبعد مكان اختلائه مثلا، ولا يقدح ذلك في التوكل، وذلك لوقوعه من النبي صلى الله عليه وسلم بعد حصول النبوة له بالرؤيا الصالحة، وإن كان الوحي في اليقظة قد تراخى عن ذلك.
٣ - استحباب العزلة والخلوة في العبادة، لأنها تساعد على التفكر ومعها فراغ القلب، وبها ينقطع عن مألوف البشر.
٤ - استدل بقول جبريل لمحمد "اقرأ" وهو لا يعرف القراءة على تكليف ما لا يطاق في الحال، وإن قدر عليه بعد ذلك.
٥ - استدل به على جواز تأخر البيان عن وقت الخطاب.
٦ - يؤخذ من الغط ثلاثا أن من يريد التأكد في أمر، وإيضاح البيان فيه أن يكرره ثلاثا، وقد كان صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك.
٧ - فيه دليل صريح على أن أول ما نزل من القرآن (اقرأ) وهذا هو الصواب الذي عليه الجماهير من السلف والخلف، وقيل: أوله المدثر وليس بشيء.
٨ - استدل به السهيلي على أن البسملة يؤمر بقراءتها أول كل سورة، لكن لا يلزم من ذلك أن