النور {وربك فكبر} وخصه بالتعظيم والكبرياء فلا يصدنك شيء عن الإنذار، ولا تخش إلا الله {وثيابك فطهر} طهرها ونظفها، وقصرها ولا تطولها، لئلا تحمل الخبث ولتبتعد عن مظاهر الكبر والخيلاء {والرجز فاهجر} وابتعد عن الإثم والأوثان والمعاصي التي هي سبب العذاب، واهجر كل ما عليه قومك من اللهو والفجور وعبادة الأصنام. فقام صلى الله عليه وسلم يدعو لربه، ويجاهد في سبيل نشر دينه، ويتحمل الأذى والصعاب، حتى أكمل الله دينه، وأتم على الأمة نعمته، ورضي لها الإسلام دينا. فصلى الله وسلم عليه، وآتاه الوسيلة والفضيلة والدرجة الرفيعة العالية، وبعثه المقام المحمود الذي وعده، إنه سميع مجيب.
-[المباحث العربية]-
(وهو يحدث عن فترة الوحي) يعني احتباسه. وعدم تتابعه وعدم تواليه في النزول.
(فبينا أنا أمشي سمعت صوتا)"بينا" هي "بين" أشبعت فتحة النون، والعامل فيها "سمعت".
(فإذا الملك الذي جاءني بحراء جالسا) هكذا هو في أصول مسلم "جالسا" بالنصب على الحال. و"إذا" للمفاجأة، وهي حرف عند الأخفش، وظرف عند بعضهم. وفي رواية للبخاري "فإذا الملك الذي جاءني بحراء جالس" برفع "جالس" قال صاحب مغني اللبيب: تقول "خرجت فإذا زيد جالس أو جالسا" فالرفع على الخبرية. و"إذا" منصوب بالخبر على القول بأنها ظرف. والنصب "جالسا" على الحال.
(فجئثت منه فرقا) قال النووي: بجيم مضمومة، ثم همزة مكسورة، ثم ثاء ساكنة، ثم تاء الضمير، وفي رواية بعد الجيم ثاءان. ثم قال: والروايتان بمعنى واحد، أعني رواية الهمزة ورواية الثاء، ومعناها فزعت ورعبت وقد جاء في رواية البخاري "فرعبت" وفي القاموس: وفرق كفرح: فزع، فيكون التقدير: فرعبت منه رعبا، وفزعت منه فزعا فيكون "فرقا" منصوب على المفعول المطلق بعامل من معناه.
(زملوني. زملوني. فدثروني) أي قلت: لفوني بالثياب، فلفوني فالتزمل بالثياب التغطية بها. والدثار بكسر الدال هو ما فوق القميص الذي يلي البدن، والذي يسمى بالشعار. فمعنى قوله: فدثروني، أي غطوني بثياب فوق ثيابي.
{وثيابك فطهر} قيل: تطهير الثياب كناية عن تطهير النفس عما تذم به من الأفعال، لأن من لا يرضى بنجاسة ثيابه لا يرضى بنجاسة نفسه، يقال: فلان طاهر الثياب، نقي الذيل، إذا وصف بالنقاء من المعايب، كما يقال: دنس الثياب لمن قبح فعله.
وذهب جماعة إلى أن الثياب على حقيقتها، وتطهيرها غسلها بالماء إن كانت