{والرجز فاهجر} قرئ بكسر راء "الرجز" وضمها لغتان، والمعنى واحد عند جمع. وقيل: المضموم بمعنى الصنم، والمكسور بمعنى العذاب: أي اهجر أسباب العذاب.
قال الحافظ ابن حجر: تفسير الرجز بالأوثان من قول أبي سلمة الراوي عن جابر، وهو تفسير معنى، أي اهجر أسباب الرجز [أي العذاب] وهي الأوثان. اهـ.
(حتى هويت إلى الأرض) قال النووي: هكذا في الرواية "هويت" وهو صحيح. يقال: هوى إلى الأرض، وأهوي إليها. لغتان أي سقط.
(ثم حمي الوحي بعد وتتابع) معنى "حمي" كثر نزوله وازداد من قولهم: حميت النار والشمس أي قويت حرارتهما.
(فاستبطنت الوادي) أي سرت في بطنه.
(فأخذتني رجفة شديدة) هكذا هو في مشهور الروايات "رجفة" بالراء. قال القاضي: ورواه السمرقندي "وجفة" بالواو وهما صحيحان متقاربان، ومعناهما الاضطراب. قال الله تعالى:{قلوب يومئذ واجفة}[النازعات: ٨] وقال: {يوم ترجف الراجفة}[النازعات: ٦].
-[فقه الحديث]-
اختلف في مدة فترة الوحي. فقيل: كانت ثلاث سنين، وبه جزم ابن إسحاق، وقيل: كانت سنتين ونصف سنة، وأن مدة الرؤيا كانت ستة شهور، فتكون مدة الوحي مناما ويقظة قبل نزول "المدثر" ثلاث سنين.
وقد جمع السهيلي بناء على هذا بين المختلفين في مدة مكثه صلى الله عليه وسلم بمكة بعد البعثة، فمن قال: مكث عشر سنين حذف مدة الرؤيا والفترة، ومن قال: ثلاث عشرة أضافهما.
قال الحافظ ابن حجر: وليس المراد بفترة الوحي هذه عدم مجيء جبريل إليه، بل تأخر نزول القرآن فقط.
وروي عن ابن عباس أن مدة الفترة كانت أياما، وهو مردود، لأن الوحي كثيرا ما كان ينقطع أياما، ولم يطلق أحد على مثل هذا الانقطاع "فترة الوحي" ثم إنه معارض بما جاء في البخاري من أنه صلى الله عليه وسلم لما طال عليه انقطاع الوحي حزن حزنا شديدا، عدا منه مرارا إلى شواهق الجبال، فكلما أوفى بذروة جبل قلقا حزينا تبدى له جبريل، فقال: يا محمد، إنك رسول الله حقا، فيسكن لذلك جأشه وتقر نفسه، فيرجع، فإذا طالت عليه فترة الوحي غدا لمثل ذلك، فإذا أوفى بذروة جبل تبدى له جبريل فقال له مثل ذلك.