للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أتى جبريل النبي صلى الله عليه وسلم) قال النووي: هذا الحديث من مراسيل الصحابة لأن أبا هريرة لم يدرك أيام خديجة فهو محمول على أنه سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم أو من صحابي ولم يذكر أبو هريرة أنه سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم ومراسيل الصحابة حجة عند الجماهير.

(هذه خديجة قد أتتك معها إناء فيه إدام - أو طعام - أو شراب - فإذا هي أتتك) قال النووي: معنى "أتتك" الأولى توجهت إليك ومعنى "أتتك" الثانية وصلت إليك. اهـ والمعنى هذه خديجة أراها ولا تراها أعدت لك طعاما وحملته متوجهة به نحوك وعند الطبراني كان حيسا، بفتح الحاء وسكون الياء وهو تمر وأقط وسمن تخلط وتعجن وتسوى كالثريد فإذا وصلت عندك.

(فاقرأ عليها السلام، من ربها عز وجل، ومني) زاد في رواية الطبراني أنها لما بلغت قالت: "هو السلام ومنه السلام وعلى جبريل السلام" وعند النسائي "قال جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم: إن الله يقرئ خديجة السلام" يعني فأخبرها "فقالت: إن الله هو السلام وعلى جبريل السلام وعليك يا رسول الله السلام ورحمة الله وبركاته" زاد ابن السني "وعلى من سمع السلام، إلا الشيطان" قال الحافظ ابن حجر: والظاهر أن جبريل كان حاضرا عند جوابها فردت عليه وعلى النبي صلى الله عليه وسلم مرتين مرة بالتخصيص ومرة بالتعميم.

قيل: إنما بلغها جبريل عليه السلام من ربها بواسطة النبي صلى الله عليه وسلم احتراما للنبي صلى الله عليه وسلم وكذلك وقع له لما سلم على عائشة، ولم يواجهها بالسلام بل راسلها مع النبي صلى الله عليه وسلم لكن قد واجه مريم بالخطاب، قيل: لأنها لم يكن معها زوج ويحترم معه مخاطبتها.

يقال: قرأ عليه السلام قراءة أبلغه إياه وكذا أقرأه السلام أبلغه إياه ولا يقال: يقرؤك السلام بفتح الياء.

(وبشرها ببيت في الجنة من قصب) قال جمهور العلماء: المراد به قصب اللؤلؤ المجوف، والقصب من الجوهر ما استطال منه في تجويف ويقال لكل مجوف قصب وقال ابن التين: المراد به لؤلؤة مجوفة واسعة كالقصر المنيف وعند الطبراني في الأوسط "يعني قصب اللؤلؤ" وعنده في الكبير "بيت من لؤلؤة مجوفة" وعنده في الأوسط، من حديث فاطمة رضي الله عنها قالت: قلت: يا رسول الله أين أمي خديجة؟ قال: في بيت من قصب قلت: أمن هذا القصب؟ "تقصد النبات المعروف الحلو؟ تخيلته منسوجة حوائطه بعيدان القصب، بدلا من أعواد الحطب والجريد التي يقيمونها حوائط ويغلفونها بالطين "قال: لا من القصب المنظوم بالدر واللؤلؤ والياقوت".

والمراد بهذا البيت بيت وقصر زائد على ما أعده الله لها من ثواب عملها أي بيت صفته كذا وكذا هدية خالصة لا دخل لعملها في تحصيله وعلى هذا فسر قوله.

(لا صخب فيه ولا نصب) أي لا نصب ولا تعب منها في تحصيله، والصخب بفتح الصاد والخاء الصياح والمنازعة برفع الصوت، وأغرب الداودي، فقال: الصخب العيب والنصب العوج وهو تفسير لا تساعد عليه اللغة، والنصب بفتحتين وبضم النون وسكون الصاد، كالحزن والحزن، لغتان، والفتح أشهر وأفصح.

<<  <  ج: ص:  >  >>