(ما غرت على امرأة ما غرت على خديجة)"ما" مصدرية أي ما غرت على رسول الله صلى الله عليه وسلم من امرأة من نسائه غيرتي عليه من خديجة، وفي الرواية السابعة "ما غرت على نساء النبي صلى الله عليه وسلم إلا على خديجة"
(ولقد هلكت قبل أن يتزوجني بثلاث سنين) جملة معترضة بين الخبر، وبين بيان سببه، جيء بها للإشارة إلى أنها لو كانت اجتمعت معها في عصمته صلى الله عليه وسلم في زمن واحد لكانت غيرتها منها أشد، والمراد من الهلاك الموت، قال النووي: تعني قبل أن يدخل بها، لا قبل العقد، وإنما ماتت قبل أن يعقد عليها بنحو سنة ونصف سنة، وفي الرواية السابعة "وإني لم أدركها" أي لم أدرك حياتها زوجة مشاركة لي رسول الله صلى الله عليه وسلم أي وإن أدركتها ووعيتها زوجة له، قبل أن يتزوجني، وفي الرواية الثامنة "وما رأيتها قط" أي وأنا زوجة لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
(لما كنت أسمعه يذكرها) اللام للتعليل، و"ما" موصولة، أو مصدرية، والمراد لكثرة سماعي ذكرها على لسانه صلى الله عليه وسلم، أي ذكرها بالمدح والخير والثناء، وفي الرواية الثامنة "لكثرة ذكره إياها" ومن هذا الذكر تبشيرها. ببيت في الجنة وكونه إذا ذبح الشاة يقول: أرسلوا بها - أي بجزئها - إلى أصدقاء خديجة، ولإشعاره بأنه لم يتزوج عليها حتى ماتت كما في الرواية التاسعة، ولحبه وارتياحه وسروره بلقاء أهلها وصاحباتها بعدها كما في الرواية العاشرة وعند البخاري "ولكن كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر ذكرها ... فيقول: إنها كانت وكانت .. وكان لي منها ولد" أي فهي أم أولادي الذين أحبهم، إذ كان جميع أولاده من خديجة، إلا إبراهيم "وكان إذا ذكر خديجة لم يسأم من ثناء عليها واستغفار لها".
(وإن كان ليذبح الشاة، ثم يهديها إلى خلائلها)"ثم يهديها" أي يهدي الكثير منها والخلائل جمع خليلة، وهي الصديقة، و"إن" مخففة من الثقيلة، واسمها ضمير الشأن والحال، محذوف وفي رواية للبخاري "وربما ذبح الشاة ثم يقطعها أعضاء ثم يبعثها في صدائق خديجة" وفي الرواية السابعة "وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذبح الشاة فيقول: أرسلوا بها إلى أصدقاء خديجة" والفاء عاطفة على محذوف جوابه "إذا" أي إذا ذبح الشاة اهتم بأصدقائها، فيقول: .... وهذا الأسلوب وإن كان يفيد العادة والشأن مراد به هنا الكثرة، ففي رواية للبخاري "ربما ذبح الشاة" بلفظ "ربما" وفي رواية أخرى للبخاري "وإن كان ليذبح الشاة فيهدي في خلائلها منها ما يسعهن" أي ما يكفيهن وفي رواية "ما يشبعهن".
(قالت: فأغضبته يوما فقلت: خديجة؟ ) وفي رواية "خديجة؟ خديجة؟ " بالتكرير أي في كل وقت تذكر بالثناء خديجة؟ وفي رواية للبخاري "كأنه لم يكن في الدنيا امرأة إلا خديجة؟ " وفي روايتنا العاشرة "ما تذكر من عجوز من عجائز قريش؟ حمراء الشدقين" بالجر، وقال أبو البقاء: جوز في "حمراء" الرفع على القطع، والنصب على الحال، وحكى في بعضهم رواية "حمراء" بالجيم والزاي، ولا معنى لها، بل هي تصحيف قال القرطبي: قيل: معنى "حمراء الشدقين" بيضاء الشدقين والعرب تطلق على الأبيض الأحمر قال: والذي عندي أن المراد بذلك نسبتها إلى كبر السن لأن من دخل في سن الشيخوخة مع قوة في بدنه يغلب على لونه غالبا الحمرة المائلة إلى السمرة كذا قال: