قال الحافظ ابن حجر: والذي يتبادر أن المراد بالشدقين ما في باطن الفم، فالكلام كناية عن سقوط أسنانها، حتى لا يبقى داخل فمها إلا اللحم الأحمر من اللثة وغيرها، وبهذا جزم النووي وغيره.
(هلكت في الدهر) أي ماتت في الزمن الماضي، وعفا على آثارها الزمان.
(استأذنت هالة بنت خويلد، أخت خديجة على رسول الله صلى الله عليه وسلم) كانت "هالة" زوج الربيع بن عبد العزى، والد العاصي بن الربيع زوج زينب بنت النبي صلى الله عليه وسلم فهي "حماة" زينب، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يثني على معاملتها ومعاملة ابنها لزينب، قبل أن يسلما، وبعد أن أسلما، وقد ذكروها في الصحابة، وهو ظاهر هذا الحديث وقد هاجرت إلى المدينة، لأن استئذانها للدخول كان بالمدينة ويحتمل أن تكون قد دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم بمكة حيث كانت عائشة معه في بعض سفره.
(فعرف استئذان خديجة فارتاع لذلك، فقال: اللهم. هالة بنت خويلد) أي هذا صوت هالة بنت خويلد عرفه لشبهه بصوت خديجة أختها، فتذكر خديجة بذلك، و"ارتاع" من الروع بفتح الراء وهو الفزع، والمراد من الفزع لازمه، وهو التغير، والمقصود التغير فرحا وبهجة وشوقا، ووقع في بعض الروايات "ارتاح" بالحاء، أي اهتز لذلك سرورا، قال الحافظ ابن حجر: وقوله "اللهم هالة" فيه حذف تقديره: اجعلها هالة فعلى هذا فهو منصوب - أي كما نقول: يا رب تكون هالة - قال: ويحتمل أن يكون خبر مبتدأ محذوف، أي هذه هالة.
(فأبدلك الله خيرا منها) تعني نفسها، فعند أحمد والطبراني في هذه القصة "قالت عائشة: فقلت: أبدلك الله بكبيرة السن حديثة السن" وفي رواية لأحمد والطبراني "فقال صلى الله عليه وسلم ما أبدلني الله خيرا منها. آمنت بي إذ كفر بي الناس وصدقتني إذ كذبني الناس، وواستني بمالها إذ حرمني الناس ورزقني الله ولدها إذ حرمني أولاد النساء" وفي روايتنا السابعة "إني رزقت حبها".
-[فقه الحديث]-
-[يؤخذ من أحاديث الباب]-
١ - عن الرواية الثانية قال القاضي: هذا الحديث يستدل به من يقول بنبوة النساء، ونبوة آسية ومريم والجمهور على أنهما ليستا نبيتين، بل هما صديقتان، ووليتان من أولياء الله تعالى، ثم قال: فإن قلنا: هما نبيتان فلا شك أن غيرهما لا يلحق بهما، وإن قلنا: وليتان لم يمتنع أن يشاركهما من هذه الأمة غيرهما. اهـ. قال النووي: وهذا الذي نقله من القول بنبوتها غريب ضعيف، وقد نقل جماعة الإجماع على عدمها. اهـ.
وقد استدل بعضهم على نبوة مريم بقوله تعالى {وإذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين}[آل عمران: ٤٢] ورد بأنه ليس بصريح في ذلك.
كما استدل على نبوتها بذكرها مع الأنبياء في سورة مريم ورد بأن دلالة الاقتران ليست دلالة شرعية قيل: ووصفها بصديقة يبعد كونها نبية ورد بأن يوسف عليه السلام قد وصف بالصديق وهو نبي.