وقد نقل عن الأشعري أن في النساء عدة نبيات، حصرهن ابن حزم في ست: حواء وسارة وهاجر، وأم موسى، وآسية ومريم وأسقط القرطبي سارة وهاجر ونقله في التمهيد عن أكثر الفقهاء وقال القرطبي: الصحيح أن مريم نبية قال عياض: والجمهور على خلافه وعن الحسن ليس في النساء نبية ولا في الجن.
وقد استدل على عدم نبوة النساء بروايتنا الأولى وبحديث البخاري "خير نسائها مريم ابنة عمران وخير نسائها خديجة" فقد استويا في الخيرية، وخديجة ليست نبية باتفاق، فمريم كذلك، وإذا لم تكن مريم نبية، لم تكن غيرها من النساء كذلك، ورد بأنه لا يلزم من التسوية في الخيرية التسوية في جميع الصفات.
٢ - واستدل بقوله في الرواية الثانية "وإن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام" على تفضيل عائشة على نساء النبي صلى الله عليه وسلم وقال ابن التين: في سكوت النبي صلى الله عليه وسلم على عائشة حين قالت: قد أبدلك الله خيرا منها" دليل على أفضلية عائشة على خديجة إلا أن يكون المراد بالخيرية هنا حسن الصورة وصغر السن، ورد بما جاء في الروايات الأخرى من أنه لم يسكت وبأنها صرحت في بعض الروايات بأن الخيرية التي تعنيها خيرية الصورة وحداثة السن.
٣ - ومن الرواية الأولى والثالثة والرابعة وما بعدهما فضل خديجة، ففي الأولى "خير نسائها مريم وخير نسائها خديجة" فخديجة خير من عائشة. قال ابن التين: ويحتمل أن لا تكون عائشة دخلت في ذلك، لأنها كانت لها عند موت خديجة ثلاث سنين (كذا قال) فلعل المراد النساء البوالغ، قال الحافظ ابن حجر: وهو ضعيف، فإن المراد بلفظ النساء أعم من البوالغ، ومن لم تبلغ أعم ممن كانت موجودة وممن ستوجد، وعند البزار والطبراني "فضلت خديجة على نساء أمتي، كما فضلت مريم على نساء العالمين" وهو حديث حسن الإسناد وعند النسائي بإسناد صحيح والحاكم "أفضل نساء أهل الجنة خديجة وفاطمة ومريم وآسية" قال: وهذا نص صريح، لا يحتمل التأويل.
٤ - ومن الرواية الثالثة، من قوله "اقرأ عليها السلام من ربها عز وجل ومني" أفضلية خديجة على عائشة لأن عائشة سلم عليها جبريل من قبل نفسه، وخديجة أبلغها السلام من ربها.
وزعم ابن العربي: أنه لا خلاف في أن خديجة أفضل من عائشة قال الحافظ: ورد بأن الخلاف ثابت قديما، وإن كان الراجح أفضلية خديجة. قال السبكي الكبير: لعائشة من الفضائل ما لا يحصى، ولكن الذي نختاره وندين الله به أن فاطمة أفضل ثم خديجة ثم عائشة اهـ.
قال السبكي: ونساء النبي صلى الله عليه وسلم بعد خديجة وعائشة متساويات في الفضل وهن أفضل النساء لقول الله تعالى {لستن كأحد من النساء إن اتقيتن}[الأحزاب: ٣٢] وظاهر كلام السبكي تفضيلهن على فاطمة، لكن قوله الأول المختار عنده تفضيل فاطمة، حتى على خديجة وعائشة وقد نقل عنه أنه سئل: هل قال أحد: إن أحدا من نساء النبي صلى الله عليه وسلم غير خديجة وعائشة أفضل من فاطمة؟ فقال: قال به من لا يعتد بقوله وهو من فضل نساء النبي صلى الله عليه وسلم على جميع الصحابة لأنهن في درجته في الجنة قال: وهو قول ساقط مردود اهـ. وقائله هو أبو محمد بن حزم وفساده ظاهر.