للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(قالت الثالثة: زوجي العشنق إن أنطق أطلق وإن أسكت أعلق) "العشنق" بعين مفتوحة وشين مفتوحة ونون مشددة مفتوحة بعدها قاف وهو الطويل وقيل: هو المذموم الطول وقيل: هو طويل العنق قال الأصمعي: أرادت أنه ليس عنده أكثر من طوله، من غير نفع وقيل: ذمته بالطول لأن الطول في الغالب دليل السفه وعلل ببعد الدماغ عن القلب وأغرب من قال: مدحته بالطول لأن العرب تمتدح بذلك وتعقب بأن سياقها يقتضي أنها ذمته وأجيب عن التعقيب باحتمال أنها أرادت مدح خلقه وذم خلقه فكأنها قالت: له منظر بلا مخبر وهو محتمل.

وقيل: العشنق الطويل النجيب الذي يملك أمر نفسه ولا تتحكم النساء فيه بل يحكم فيهن بما يشاء فزوجته تهابه أن تنطق بحضرته فهي تسكت على مضض.

وقيل: هو المقدام على ما يريد الشرس في أموره وقيل: السيئ الخلق.

وقولها "إن أنطق أطلق، وإن أسكت أعلق" معناه أنها إذا ذكرت عيوبه فيبلغه طلقها وإن سكتت عن ذكر عيوبه فهي عنده كالمعلقة ليست ذات زوج ولا خالية من الزوج أي لست ذات زوج فأنتفع به ولا مطلقة فأتفرغ لغيره قال الحافظ ابن حجر: ويحتمل أن يكون قولها "أعلق" مشتقا من علاقة الحب أو من علاقة الوصلة أي إن نطقت طلقني وإن سكت استمر بي زوجة وأنا لا أؤثر تطليقه لي، فلذلك أسكت.

(قالت الرابعة: زوجي كليل تهامة، لا حر ولا قر، ولا مخافة ولا سآمة) ما بعد "لا" بالفتح من غير تنوين مبني مع "لا" على الفتح وجاء الرفع مع التنوين فيها على أن "لا" عاملة عمل "ليس" وخبرها محذوف، أي ليس فيه حر، كذا في القراءات المشهورة في مثل قوله تعالى {لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة} [البقرة: ٢٥٤] و {فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج} [البقرة: ١٩٧] وعند النسائي "ولا برد" بدل "ولا قر" وزاد في رواية الزبير بن بكار "والغيث غيث غمامة" وقد ضربوا المثل بليل تهامة في الطيب، لأنها بلاد حارة في غالب الزمان، وليس فيها رياح باردة، فإذا كان الليل كان وهج الحر ساكنا فيطيب الليل لأهلها بالنسبة لما كانوا فيه من أذى حر النهار أما أن ليل تهامة لا مخافة فيه على أهلها فلأنهم محصنون بجبالها. فوصفت زوجها بجميل العشرة واعتدال الحال، وسلامة الباطن، فكأنها قالت: لا أذى عنده ولا مكروه وأنا آمنة منه فلا أخاف من شره ولا ملل عندي منه ولا عنده مني فأسأم عشرته أو يسأم عشرتي لأنه ليس بسيئ الأخلاق فأنا لذيذة العيش عنده كلذة أهل تهامة بليلهم المعتدل وقيل: أرادت بنفي الخوف وصف زوجها بأنه حامي الذمار مانع لداره وجاره ولا مخافة عند من يأوي إليه ثم أرادت وصفه بالجود بنفي سآمة من يأوي إليه ونفي سآمته من كثرة الأضياف واللاجئين.

قال النووي: وهذا مدح بليغ.

(قالت الخامسة: زوجي إن دخل فهد وإن خرج أسد ولا يسأل عما عهد) "فهد" بفتح الفاء وكسر الهاء فعل ماض مشتق من الفهد شبهته بالفهد في كثرة النوم يقال: أنوم من فهد وفي كثرة الغفلة في منزله عن تعهد ما ذهب من متاعه وما بقي وقوله "أسد" بفتح الهمزة وكسر السين مشتق من الأسد أي يصير بين الناس مثل الأسد وكلاهما يحتمل المدح والذم وأكثر

<<  <  ج: ص:  >  >>