وقوله "مفنقة" بفتح الفاء وفتح النون المشددة بعدها قاف أي منعمة يقال: فنقه بفتح النون المشددة يفنقه إذا نعمه فهو منفق أي منعم اسم مفعول.
(جارية أبي زرع، فما جارية أبي زرع؟ لا تبث حديثنا تبثيثا ولا تنقث ميرتنا تنقيثا ولا تملأ بيتنا تعشيشا) عند الطبراني "خادم أبي زرع" وفي رواية "وليد أبي زرع" والوليد الخادم يطلق على الذكر والأنثى و"لا تبث" بضم الباء بعدها ثاء أي لا تشيع أحوالنا وتظهر أخبارنا بل تكتم سرنا وحديثنا كله وفي رواية "لا تنث" بالنون بدل الباء وهي بمعناها والنثاث المغتاب وفي رواية "ولا تخرج ... " و"لا تنفث" بضم التاء وفتح النون وكسر القاف المشددة بعدها ثاء أي لا تسرع بالخيانة وتذهب مالنا بالسرقة و"الميرة" بكسر الميم الزاد والطعام وأصله ما يحصله البدوي من الحضر ويحمله إلى منزله لينتفع به أهله وقال ابن حبيب: لا تفسد ميرتنا وفي ملحق الرواية "لا تنفث ميرتنا تنفيثا" قال الحافظ ابن حجر: يحتمل أن تكون إحدى الروايتين بالقاف والأخرى بالفاء وفي رواية "ولا تنقل" وفي رواية "ولا تفث" أي لا تفسد وفي رواية "ولا تفش ميرتنا تفشيشا" بالفاء من الإفشاش ومعنى "ولا تملأ بيتنا تعشيشا" بالعين أي لا تترك الكناسة والقمامة فيه مفرقة كعش الطائر بل هي مصلحة للبيت معتنية بتنظيفه وقيل: معناه لا تخوننا في طعامنا في زوايا البيت كأعشاش من الطير وفي رواية "تغشيشا" بالغين من الغش.
(خرج أبو زرع والأوطاب تمخض)"الأوطاب" جمع وطب بفتح الواو وسكون الطاء وهو جمع قليل النظير وفي رواية في غير مسلم "والوطاب" وهو الجمع الأصلي وفي رواية "الأطاب" بغير واو قال عياض: فإن كان مضبوطا فهو على إبدال الواو همزة كما قالوا في "إكاف""وكاف" والمراد من الأوطاب الأسقية التي يمخض فيها اللبن أي يحرك تحريكا شديدا ليخرج زبده أرادت أنه بكر بخروجه من منزلها وقت قيام الخدم والعبيد لأشغالهم وفي خبرها هذا إشارة إلى كثرة خير داره وغزارة لبنه وأن عندهم منه ما يكفيهم ويفيض عنهم حتى يمخضوه ويستخرجوا زبده ويحتمل أنها أرادت بهذه العبارة أن الوقت الذي خرج فيه كان في زمن الخصب وطيب الربيع قال الحافظ ابن حجر: وكأن سبب ذكر ذلك التوطئة للباعث على رؤية أبي زرع للمرأة على الحالة التي رآها عليها أي أنها من مخض اللبن تعبت فاستلقت لتستريح فرآها على ذلك.
(فلقي امرأة معها ولدان لها كالفهدين يلعبان من تحت خصرها برمانتين فطلقني ونكحها) في رواية الطبراني "فأبصر امرأة لها ابنان كالفهدين" وفي رواية "كالصقرين" وفي رواية "كالشبلين" وعند النسائي "فإذا هو بأم غلامين" والغرض من ذكر الولدين ووصفهما بما وصفا به التنبيه على بعض الأسباب الداعية لتزوج أبي زرع بها لأنهم كانوا يرغبون في أن يكون لهم أولاد وأن تكون أولادهم من النساء المنجبات وفي وصفهما إشارة إلى صغر سنهما واشتداد خلقتهما وخفة حركاتهما هذا بالإضافة إلى ما وصفت به المرأة قال أبو عبيد: وصفت بأنها ذات كفل عظيم فإذا استلقت على ظهرها رفع خصرها عن الأرض حتى يصير تحتها فجوة تجري فيها الرمانة اهـ.
وكان مع الولدين رمانتان كل واحد يرمي واحدة للآخر أو هي رمانة واحدة ثنيت باعتبار تناول