بمكارم الأخلاق، وكلاما ما هو بالشعر، فقال: ما شفيتني فيما أردت". قال النووي: كذا في جميع نسخ مسلم "فيما" بالفاء، وفي رواية البخاري "مما" بالميم، وهو أجود، أي ما بلغتني غرضي وما أزلت عني هم كشف هذا الأمر.
(قال: فأتيت مكة فتضعفت رجلا منهم) أي نظرت إلى أضعف رجل لاقيته، فسألته.
واختار الضعيف لأنه مأمون الغائلة غالبا وفي رواية "فتضيفت" بالياء وأنكرها القاضي وغيره، قالوا: لا وجه له هنا.
(فقلت: أين هذا الذي تدعونه الصابئ؟ ) يقال: صبأ من شيء إلى شيء إذا انتقل، وصبأ الرجل ترك دينه، ودان بآخر، والظاهر أن الرجل أحس أن أبا ذر يميل إلى محمد صلى الله عليه وسلم، ويرغب في لقائه حبا فيه، لقوله "تدعونه" لأنهم كانوا يمنعون الغريب أن يلتقي به.
(فأشار إلي فقال: الصابئ) "الصابئ" منصوب بفعل محذوف، والمعنى، فأغرى بي أصحابه السفهاء والصبية، وأشار إلي، يقول لهم: اضربوا الصابئ.
(فمال علي أهل الوادي بكل مدرة وعظم حتى خررت مغشيا علي) المدر الطين المتماسك وما يعرف بالطوب اللبن، أي تجمع حولي أهل المنطقة يقذفونني بالحجارة والعظم حتى سقطت على الأرض مغشيا علي.
(قال: فارتفعت حين ارتفعت كأني نصب أحمر) أي فانصرفوا عني فلما أفقت قمت ووقفت لا حراك بي تغطيني الدماء التي سالت مني، كأني تمثال أحمر من حجر، والنصب بضم الصاد وإسكانها الصنم والحجر الذي كانت الجاهلية تنصبه وتذبح عنده، قال تعالى {وما ذبح على النصب}[المائدة: ٣].
(فسمنت، حتى تكسرت عكن بطني) "العكن" بضم العين وفتح الكاف جمع عكنة بسكون الكاف وهي طيات البطن من السمن.