(فإذا أصبحت فاتبعني) وكأنك لا تعرفني ولا علاقة بيني وبينك.
(فإني إن رأيت شيئا أخاف عليك قمت كأني أريق الماء) كأني أتبول على جانب الطريق، وحينئذ عليك بالفرار والبعد عن الخطر وفي رواية "كأني أصلح نعلي" ويحتمل أنه قالهما جميعا.
(فإن مضيت فاتبعني حتى تدخل مدخلي) أي فإذا مضيت ولا خطر فادخل ورائي، حيث أدخل.
(ففعل فانطلق يقفوه، حتى دخل على النبي صلى الله عليه وسلم ودخل معه) "ففعل" أي فمضى علي فانطلق أبو ذر يتبعه حتى دخل علي على النبي صلى الله عليه وسلم فدخل أبو ذر في إثره كأنه معه.
(فسمع من قوله وأسلم مكانه) أي وأسلم في الحال وكأنه كان يعرف علامات النبي صلى الله عليه وسلم فلما رآها لم يتردد في الإسلام.
(فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ارجع إلى قومك فأخبرهم حتى يأتيك أمري) وفي رواية "اكتم هذا الأمر وارجع إلى قومك، فأخبرهم فإذا بلغك ظهورنا فأقبل" وفي روايتنا الأولى "إنه قد وجهت لي أرض ذات نخل لا أراها إلا يثرب فهل أنت مبلغ عني قومك؟ عسى الله أن ينفعهم بك ويأجرك فيهم؟ ".
(فقال: والذي نفسي بيده لأصرخن بها بين ظهرانيهم) "بها" أي بشهادة - أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، و"ظهرانيهم" بفتح النون تثنيه ظهر، يقال: أقام بين ظهريهم وظهرانيهم وأظهرهم، أي بينهم والمراد من الصرخ هنا رفع الصوت والمعنى والله لأرفعن صوتي بالشهادة بينهم، ولا أخفي إسلامي ولا أخافهم.
(فخرج حتى أتى المسجد) الحرام والمشركون مجتمعون فيه.
(فنادى بأعلى صوته: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وثار القوم) جماعة المشركين الموجودين في الحرم.
(فضربوه حتى أضجعوه) أي حتى أسقطوه على الأرض من شدة الضرب والإعياء وظلوا يضربونه وهو منبطح على الأرض.
(فأتى العباس، فأكب عليه) أي انحنى عليه، يفرق بينه وبينهم ليحول بينهم وبين ضربه وكان العباس يومئذ مشركا، وإنما حماه خوفا من قومه.
(فقال: ويلكم ألستم تعلمون أنه من غفار؟ ) الاستفهام إنكاري بمعنى النفي، دخل على نفي، ونفي النفي إثبات، أي اعلموا أنه من غفار.