للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولمعانه، وفي ضوء الشمس ونور القمر، فإذا غشيها من أمر الله ما غشى أصبحت شعلة من نور، ترد الطرف، فلا يستطيع مخلوق أن يصفها لحسنها وجمالها، شجرة عندها جنة المأوى، وأدخلها صلى الله عليه وسلم، فإذا فيها قباب من اللؤلؤ، وإذا ترابها المسك الأذفر، ورأى صلى الله عليه وسلم أربعة أنهار: نهران ظاهران، ونهران باطنان. فقال: ما هذه الأنهار يا جبريل؟ فقال له: أما الظاهران فهما يشبهان النيل والفرات حلاوة وعذوبة، وأما الباطنان فهما نهران بالجنة، نهر الرحمة ونهر الكوثر.

ثم جيء له بثلاثة آنية مغطاة. فقال له جبريل: يا محمد. ألا تشرب مما سقاك الله؟ فتناول أحدها، فإذا هو عسل، فشرب منه قليلا. ثم تناول الآخر، فإذا هو لبن، فشرب منه حتى روي. فقال له جبريل: ألا تشرب من الثالث؟ قال: قد رويت. قال جبريل: وفقك الله. الحمد لله الذي هداك للفطرة، لو أخذت الثالث -وفيه خمر- لغويت وغويت أمتك.

ثم رفع له البيت المعمور. فقال: ما هذا يا جبريل؟ قال: البيت المعمور، يزوره الملائكة كما يزور بنو آدم الكعبة، يدخله كل يوم سبعون ألف ملك، ثم يخرجون منه، لا يعودون إليه أبدا. ثم أمر صلى الله عليه وسلم بالعروج وحده، فقال: يا جبريل. أههنا يترك الخليل خليله؟ قال: يا محمد وما منا إلا له مقام معلوم، لو تقدمت أنت لاخترقت، ولو تقدمت أنا لاحترقت، فصعد صلى الله عليه وسلم إلى مستوى يسمع فيه صريف الأقلام، وغشيه النور من كل مكان، فقال: التحيات لله المباركات الصلوات، فسمع الصوت الكريم يقول: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، فقال: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين. ثم فرض الله عليه وعلى أمته خمسين صلاة في كل يوم وليلة، فرجع بها صلى الله عليه وسلم حتى جاء موسى عليه السلام في السماء السادسة فقال له: يا محمد. ماذا فرض الله عليك وعلى أمتك؟ قال: خمسين صلاة في اليوم والليلة قال: فارجع إلى ربك فاسأله أن يخفف عنكم، فإن أمتك لا تطيق ذلك، وقد خبرت بني إسرائيل قبلك، فرض عليهم ركعتان فعجزوا عنهما، وهم أشد من أمتك قوة وأعظم أجساما فرجع صلى الله عليه وسلم إلى حيث ناجى ربه أولا، فقال: رب أسألك التخفيف عن أمتي، فحط عنه خمسا، فرجع إلى موسى فأخبره، فرده إلى ربه يسأله التخفيف، فحط عنه خمسا، وهكذا أخذ يتردد بين موسى وربه، حتى صارت خمسا، وسمع النداء: يا محمد. أمضيت فريضتي وخففت عن عبادي، هن خمس في العمل وخمسون في الأجر، والحسنة بعشر أمثالها، لا يبدل القول لدي وما أنا بظلام للعبيد.

ورجع صلى الله عليه وسلم إلى مكة في نفس الليلة، فلما أصبح جلس يفكر، كيف يبلغ قومه، وهم يكذبونه فيما هو أقرب من ذلك، فمر به عدو الله أبو جهل، فقال له ساخرا: هل كان من شيء يا محمد؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني أسري بي الليلة إلى بيت المقدس. قال: ثم أصبحت بين أظهرنا؟ قال: نعم. قال: فإن دعوت قومك أتحدثهم بذلك؟ قال: نعم. قال: يا معشر بني كعب ابن لؤي. فانفضت إليه المجالس، حتى جاءوا إليهما. فقال: حدث قومك بما حدثتني، فحدثهم فمن بين مصفق، ومن بين واضع يده على رأسه متعجبا. قال أحدهم: إن الرجل منا يضرب آباط الإبل شهرا ذهابا وشهرا عودة، وتذهب وتعود أنت في ليلة واحدة؟ قال: نعم. فقال رجل من القوم: هل مررت

<<  <  ج: ص:  >  >>