بإبل لنا في طريقك؟ قال: نعم. والله قد وجدتهم قد أضلوا بعيرا لهم، فهم في طلبه. ومررت بإبل فلان انكسرت لهم ناقة حمراء. قالوا: فأخبرنا عن عدتها، وما فيها من الرعاة. وكان عن عدتها مشغولا، فرفع الله له الإبل فعدها وأخذ يخبرهم عما فيها من الرعاة، قال له المطعم بن عدي- وكان قد رأى مسجد بيت المقدس، ويعلم أن محمدا لم يكن رآه قبل ذلك- قال له: هل تستطيع أن تصف لنا المسجد؟ فطفق يخبرهم عن أوصافه، قالوا: كم له من باب؟ ولم يكن قد عدها صلى الله عليه وسلم، قال: فكربت كربا لم أكرب مثله قط، فرفع الله له بيت المقدس، فجعل ينظر إليه ويخبرهم. قال: ما يسألوني عن شيء إلا نبأتهم به.
وحدث صلى الله عليه وسلم أصحابه عن الأنبياء الذين لقيهم، وأفاض في وصف كثير منهم، وتخيل عن طريق الوحي - حين مر بأصحابه على وادي الأزرق الواقع بين مكة والمدينة، تخيل موسى عليه السلام هابطا من ثنية هرشى المشرفة على هذا الوادي متجها نحو الكعبة يحجها ملبيا بصوت جهوري مرتفع، وقد وضع أصبعيه في أذنيه، كما تخيل في هذا المكان يونس عليه السلام راكبا ناقة حمراء، خطامها ليف، وعليه جبة من الصوف، مارا بهذا الوادي، بل قاصدا حج بيت الله الحرام، كما صور له عيسى عليه السلام رجلا أسمر جميل المنظر، له شعر يتدلى مجاوزا شحمة الأذنين، قد رجله وسرحه تسريحا جميلا، كأنه يقطر ماء لبهائه ونظافته، يعتمد على عواتق رجلين يطوف بالبيت، فأخبر أصحابه بذلك، مشيرا إلى أن دينه الإسلام هو الجامع للديانات الخاتم لها المصدق من قبل الأنبياء السابقين.
وهكذا كان الإسراء والمعراج آية من آيات الله الكبرى، واشتمل على كثير من الآيات العظمى، فأما الذين آمنوا فزادتهم إيمانا وهم يستبشرون، وأما الذين كفروا المعاندون فزادتهم رجسا إلى رجسهم وماتوا وهم كافرون.
-[المباحث العربية]-
الرواية الأولى
(أتيت بالبراق) بضم الباء وتخفيف الراء، قال أبو دريد: مشتق من البرق -يعني لسرعته- وقيل: مشتق من البريق، وسمي بذلك لكونه ذا لونين. يقال: شاة برقاء إذا كان في خلال صوفها الأبيض طاقات سود، ولا ينافيه وصفه في الحديث بأن البراق أبيض، لأن البرقاء من الغنم معدودة في البيض.
(وهو دابة أبيض طويل) الدابة ما دب من الحيوان، وغلب على ما يركب، ويقع على المذكر، فتذكير أبيض طويل لهذا الاعتبار.
(يضع حافره عند منتهى طرفه) الطرف بفتح الطاء وسكون الراء: البصر، وفي رواية للبخاري "يضع خطوه عند أقصى طرفه" أي رجله عند منتهى ما يرى بصره.